TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : الدكتاتورية والحسد

سلاما ياعراق : الدكتاتورية والحسد

نشر في: 29 يونيو, 2012: 08:08 م

 هاشم العقابيعندما غزا صدام الكويت، أدرك العقلاء انه وضع العراق على أسرع سكة نحو الهاوية  واشدها انحدارا. أما الجهلة والفاشيون  فقد صفقوا وهللوا وطبلوا وكأن العراق سيتحول الى جنة. في النهاية حدث ما حسبه العقلاء وضاع من بين أيدينا العراق الذي نعرفه، بفعل حماقة صدام وجهل المطبلين.
في اول أيام احتلال الكويت علت اصوات محسوبة على الثقافة العربية والعراقية، ومنها اسماء لامعة، تؤيد "البطل" صدام، الذين رأوا في اغتصابه للكويت اعادة لشرف الامة المهدور التي ما عليها الآن الا ان ترفع رأسها عاليا لان "معتصما" جديدا اخذ بثأرها. يضاف لهم سياسيون عراقيون كانوا يناهضون صدام الفاشي، فصرنا نسمعهم يرددون ان "حسنة" احتلال الكويت محت كل سيئات صدام. كثيرون منهم سافروا، زرافات ووحدانا، للقائه وتقبيل جبينه أو حتى يده على تلك "الغزوة العظيمة".كنا، نلتقي هؤلاء ونحتار حتى في إيجاد جملة واحدة للتفاهم معهم. رأيهم كان فينا، وباختصار، اننا "عملاء" لاننا ضد ضم الفرع الى الأصل. ولكم يا عمي مو ما راح يبقى حتى "الأصل"، بل ستصل النار للجذور وتحرق الأخضر بسعر اليابس. لكن "شيفهم حجي أحمد أغا".وحينما حدث ما توقعناه وحلت الكارثة، كرهونا وكرهوا الكويت واهلها. وهكذا هو الجهل يتحول الى حقد وتعصب أعمى لانه خال من المنطق. ولكي يثبتوا صحة اتهامهم لنا بالعمالة، صار عميل، في مفهومهم، كل من لا يحقد على الكويتيين او يكرههم. قبل اسابيع، ضمتني جلسة مع مجموعة من سياسيين محسوبين على اليسار مازال اكثر من نصفهم غير راض عني وعن كل الذين لم يقفوا مع احتلال الكويت. كان فيهم "شيخ" سياسي مخضرم اشدهم تحمسا لاحتلال الكويت، قلت له: لقد كان هذا رأيك الفاشي قبل عشرين عاما، وتوقعت انك قد غيرته بفعل ما حل بالعراق فماذا تريد ان يحل به اكثر حتى تغير قناعتك؟  أجابني: "والله من اجل استرجاع الكويت أقبل حتى لو نضحي بآخر طفل عراقي".  قبل ان أجيب تدخل متحمس آخر: "والله يا ابو أمجد مو انت ما تعرف الكويتيين شسووا بينه؟" شسوّوا؟ حقك ما تدري. زين درّيني. بدء يضرب امثالا وقصصا مختصرها: ليش همه عايشين بخير واحنا لا. زين همه شعليهم، ليش ما هجمتوا على صدام الذي استحوذ على خير العراق له ولحزبه ومن طبل له من العرب وغير العرب تاركا العراقيين في ضنك العيش والعوز؟ سكت.هكذا هو الجهل يعمي البصائر والقلوب. الحقد تحول الى حسد قاتل. يستكثرون على شعب ان يعيش منعما وهم في بؤس رغم ان خيرات بلدهم تفوق خيرات الكويت أضعافا مضاعفة. وها هم بدلا من ان يطالبوا صدام بحقهم، صاروا يريدون نيله من دولة أخرى وعلى حساب دماء شعبهم وخراب بلدهم. وا عجبي!انه بخت الدكتاتورية التي تحتاج الى خلق عدو توجه ضغائن الشعب نحوه. والضغائن والاحقاد  لا تنمو وتاخذ دورها الا اذا انتشر الجهل وتعطل دور العقل. فان وجدتم حاكما يغرس الحقد والعداوة عند الشعب تجاه اي بلد او قومية او طائفة أخرى وهناك من يقتنع به، فهذا يكشف عن أمرين: الأول ان الحاكم مصمم على ان يتحول الى طاغية بامتياز. والثاني ان المقتنعين اما فاشيون مثله، او جهلة مهما ادعوا العلم او الثقافة، وكلاهما شر مستطير.للحديث  تتمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram