هاشم العقابي لم اسمع في هذه الأيام كتلة سياسية متحمسة لاستجواب السيد رئيس مجلس الوزراء، مثل أعضاء كتلة القانون، خاصة المقربين منه. بعضهم يطالب بها بغضب وحماس شديدين، يتجاوز حماسة الشعراء الشعبيين حين يندمجون "نفسيا" مع قصائدهم أثناء الإلقاء، وكأنها نعمة يريد خصومه ان يحرمونه منها.
يكاد لا يخلو تصريح لأحدهم من المناداة بضرورة الاستجواب بنبرة تتراوح بين التهديد والتوسل. وأحيانا لا تخلو من سخرية بعقل الآخر الذي لا يستجيب لفكرة استجواب السيد المالكي. واحد من تلك التصريحات، وما أكثرها، جاء على لسان السيدة مريم الريّس المستشارة القانونية لرئيس مجلس الوزراء، والتي لا تضيع فرصة الا وتسند رأيها بالقول "باعتباري قانونية". تقول الريّس ان: "الذين يتهافتون على إجراء التواقيع في أربيل يجب ان يقرأوا الدستور جيدا بان طلب سحب الثقة يجب ان يسبقه طلب استجواب وهذا ما حددته المادة (61) ثامنا (ب)". ولم تشر طبعا الى أن كل ذلك لا حاجة له لو تقدم رئيس الجمهورية للبرلمان بطلب لسحب الثقة من رئيس الوزراء. لا ادري لماذا اخفت هذه الحقيقة الدستورية، وكأنها لوحدها تمتلك نسخة منه؟ تقول هذا والتصريحات التي تأتي من الأطراف المطالبة بسحب الثقة أثبتت وتثبت انهم "مفتحين باللبن". خوفي ان تكون، كمستشارة لرئيس الحكومة، قد أقنعته بان لا احد يسحب الثقة منه الا بعد استجوابه. وبصراحة هذا هو الذي يخيفنا بمستشاري المالكي ومقربيه. الخوف طبعا عليه وليس علينا.المعروف هو ان مفهوم الاستجواب في الدول الديمقراطية، وربما حتى غير الديمقراطية، يعني مساءلة ومحاسبة الحكومة عن أخطاء ارتكبت. فهل إلحاح دولة القانون على ضرورة استجواب رئيسهم من قبل خصومه اعتراف منهم بأخطائه مثلا؟ أما يرون ان إلحاحهم هذا قد يضفي واقعية على طلبات سحب الثقة منه؟لم يحضرني اني سمعت من قبل بكتلة على رأس السلطة وتناشد الآخرين باستجواب رئيسها. فغالبا ما تقوم الكتل المعارضة بذلك. نعم، قد يكون الاستجواب فرصة لدحض التهم التي توجه لأي إنسان. مسؤول او غير مسؤول. فالسجين مثلا يلح بالإسراع بمحاكمته. والمحاكمة هي شكل من أشكال الاستجواب القانوني، كما تعلمون. لكنه يلح كي يقول في المحكمة ما حرم من قوله أثناء التحقيق خاصة اذا شعر بالظلم. وقد يفيد الاستجواب إنسانا عاديا لا يمتلك سلطة وماكنة إعلامية جبارة يستطيع الظهور بها متى أحب أو شاء. فالرؤساء يمكنهم توجيه خطاب للشعب يوضحون ما يريدون. كذلك يمكن للسيد المالكي بثوان ان يأمر قناة العراقية، لأنها حكومية، بإجراء حوار خاص معه ليقول ما يود قوله، ان كان لا يفضل توجيه خطاب للشعب. وقد فعلها الرجل من قبل ولا احد اعترض عليه. الغريب في الأمر، هو ان كتلة القانون كانوا من اشد المعارضين لاستجواب السيد علي الأديب حين صدر أمر من البرلمان باستجوابه، ورفضوا ذلك رفضا قاطعا. لكن الآن نجدهم يطعنون بوطنية من لا يلجأ لاستجواب السيد المالكي. عجيب أمور .. غريب قضية.رحم الله من قال: يردونها ازغار؟ ازغار .. يردونها اكبار؟ اكبار.
سلاما ياعراق :دولة القانون: استجوبوا المالكي!
نشر في: 30 يونيو, 2012: 06:15 م