سرمد الطائي لا ادري كيف سمع السيد نوري المالكي، عتاب الجعفري والحكيم بشأن كل شيء؟ اي كلمات سمع منهما وأي أسف؟ ان ما يحدث هذه الايام مؤسف لنا جميعا، وليس مجرد نقطة اسف في تاريخ حزب الدعوة. الامر مؤسف على مستوى الطائفة الشيعية، ومؤسف على مستوى الوطن بأسره، ومؤسف على مستوى ملايين العراقيين الذين قدموا تضحيات مؤلمة كي يروا وجها حرا لبلادهم.
يسر المرء ابدا ان يرى المالكي وحيدا ومعزولا بهذا القدر. كان يتباهى ويزهو منذ نهاية 2010 بأنه الاكثر قوة، وراح يقوم بالتنكيل بابراهيم الجعفري سلفه وسنده، والاستهزاء بعمار الحكيم وهو زعيم المجلس الاعلى حليفه الاساسي. لكنه لم يجد سواهما كي يقفا الى جانبه في مؤتمر صحفي لم يقل شيئا مساء الخميس.لم يكن يتصور احد، حلول هذه اللحظة. لم يكن يتصور احد ان الجميع سيغادر قاعة العملية السياسية ليجمع تواقيع خلع المالكي، وان الاخير لن يجد من يقف الى جانبه امام الكاميرات سوى خصومه الذين نكل بهم واستهزأ: الجعفري والحكيم. جاءه الرجلان ليحاوراه متأسفين على ما حصل له، وقد كانا يحذرانه من الانفراد بكل شيء، لان المصيبة لو وقعت فسيتقاسم الجميع تداعياتها.لا ادري كيف عاتبه الجعفري والحكيم؟ من المؤكد انهم قالوا له اشياء من قبيل: لماذا تفترض ان الطائفة الشيعية عقيمة لم تنجب سواك؟ ومن المؤكد انهم اسمعوه كلمات من قبيل: هل عرفت الان ثمن اشاحة وجهك وصم أذنيك عن سيل النصائح والمبادرات لتهدئة ما سخن من صفيح على اكثر من موقد؟ وطبعا فقد قالها الجعفري بطريقته الملغزة والغامضة والمطنبة، لكن الحكيم سردها بسلاسته ومباشرته ودبلوماسيته ايضا.. هل بقي متسع للدبلوماسية اليوم؟حاول المالكي ان يبدد عزلته عبر اكثر من استعراض دون جدوى. يصرخ ان تواقيع سحب الثقة المكتملة مزورة. ولا احد يدري لماذا يمتنع النواب الذين زورت تواقيعهم، عن الخروج الى وسائل الاعلام واشهار هذه الحقيقة؟ومن هم النواب الذين يبخلون بتواقيعهم لسحب الثقة عن السيد المالكي؟ هل هم نواب العراقية الذين وصفهم المالكي بأنهم مجرد "فلول بعثية؟". هل ينتظر المالكي "شفقة" او "رحمة" من "فلول البعث"؟كان شركاؤه يتوسلون كي يحاورهم، وهو يرفض ذلك حتى بعد انقضاء اسبوعين من اجتماع 28 نيسان في اربيل. وحين اضطروا الى المباشرة باجراءات عزله راح يتوسل كي ينعقد لقاء او حوار، والجميع قال له بعد اجتماع 19 ايار في النجف، ان الاوان قد فات. ثم صار يقول ان التواقيع مزورة، وهو يعجز منذ ايام عن اثبات ذلك. استجار بمحافظيه الثمانية كي يعلنوا اقليما، فقال له الجميع: مبروك، وهذا حقكم الدستوري ولا صلة له ببقاء المالكي او رحيله.منذ اعوام لم يكن المالكي مجبرا على ان يسمع كلمات قاسية، لا من الجعفري ولا من الحكيم. ولم يخبرني احد بما قاله الرجلان لرئيس الحكومة، لكن كل شيء يوحي بأن المالكي ولأول مرة منذ اعوام، سمع اقسى كلام يمكن ان يصدر عن الجعفري والحكيم، وهو كلام يصاغ على وقع "صدمة التواقيع" المصيرية.ساسة الشيعة يسألون المالكي اليوم، لماذا تدير الصراع بطريقة انك المرشح الاوحد للطائفة، وان نساءنا عقيمات؟ ساسة العراق يسألونه، لماذا تدير الصراع بطريقة انك غير مسؤول عن عواقب سيئة ستحدث بعد سحب الثقة؟ هل تنوي ان تتلفظ بكلمة اخرى اكثر وضوحا؟ هل تريد القول انك تركت للعراقيين بناء هشا سيتداعى بمجرد رحيلك؟ اين الجاهزية الامنية التي تتفاخر بها لو كان كل شيء معرضا للاهتزاز بمجرد ان تغيب؟ ماذا لو رحلت عنا فجأة لسبب اخر غير سحب الثقة، لمرض او اي سبب آخر؟ ألا يتحسب السلاطين وقادة الدول ويحتاطون لمثل هذا؟ ام انهم لا يعودون يهتمون لبلدانهم لو حصل لهم مرض او غياب؟ كم سؤالا علينا ان نطرح على المالكي قبل نهاية الاسبوع؟ اي شفقة ينتظر من خصومه "البعثيين" او انداد كالجعفري والحكيم؟
عالم آخر:عتاب الجعفري وإشفاق البعثيين
نشر في: 30 يونيو, 2012: 06:37 م