 بغداد/ المدى ازدادت في السنوات الأخيرة ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج نتيجة لعدة أسباب وظروف بعضها يعود إلى جوانب نفسية والأخرى اجتماعية منها ما يتعلق بالمجتمع ومتطلبات الحياة الزوجية والظروف الاقتصادية التي يمر بها الشباب نتيجة عدم توفر فرص العمل ما ادى الى ظهور جيوش من العاطلين عن العمل الامر الذي دفع بهؤلاء الى عدم التفكير في الزواج نتيجة تزايد متطلبات الزواج وغلاء المعيشة بالإضافة إلى عوامل أخرى طرأت على المجتمع العراقي والانفتاح على العالم ودخول تقنيات حديثة وظهور الحريات وإقامة علاقات غير شرعية كانت احد أسباب تفشي الظاهرة ولأجل تسليط الضوء على هذا الموضوع كان هذا التحقيق .
سرمد علي، طالب في كلية الهندسة الجامعة التكنولوجية  (22 عاماً) قال :إن السبب الرئيسي هو رؤية المجتمع وحكمه على الشباب بعدم المقدرة على تحمل المسؤولية وهذا الحكم واقعي في كثير من الأحيان ، فالعامل المادي يلعب الدور الأكبر خصوصاً وغلاء الأسعار وتفشي البطالة وزيادة المظاهر والتفاخر بالمهور العالية علاوةً على وجود عدم الثقة من قبل الشباب تجاه البنات وتلبية جميع المتطلبات الغرائزية دون أي اضطرار إلى تحمل المسؤولية وأعباء الزواج وكل هذه الأسباب يضاف لها تأثر الشباب بالمجتمعات الغربية .أما احمد حسين (35 عام) شاب عاطل عن العمل وهو خريج جامعي فأكد من الصعب أن يقدم الإنسان على الزواج وهو ليس له مصدر رزق ثابت أو لديه وظيفة تكون الأساس في بناء حياته الأسرية، لأنه كما ترى فإن العمل الحر لا يكفي متطلبات الحياة اليومية فكيف بالشاب الذي يقدم على الزواج وهو لا يملك لا مالا ولا متطلبات بيت الزوجية؟! لذلك تجد اغلب الشباب العراقي بدأ يفكر في الهجرة إلى خارج الوطن بحثاً عن مستقبل أفضل من اجل إيجاد مورد مالي يساهم في بناء حياته الأسرية ، وهذا يتطلب التضحية منه لسنوات من شبابه بحثاً عن عمل يتمكن من خلاله ان يبني عائلة ، لذلك ترى اغلب الشباب الذين يعملون في القطاع الخاص او في المهن الحرة اغلبهم من خريجي الجامعات والمعاهد وبعضهم يحملون شهادات عليا يعزفون عن الزواج لهذه الأسباب . رأي الشاباتمجموعة من الشابات وهن (نور ، نغم ، زهراء ، شهد ، هدى) كانت آراؤهن مختلفة في ما بينهن فمثلا (نور ونغم) طالبتان جامعيتان عبرتا عن رأيهما بـــ " أن الوضع الاقتصادي الراهن هو السبب الرئيسي في عزوف اكثر الشباب عن الزواج إضافة الى انعدام الثقة من قبل الشاب تجاه الشابات " وطالبتا بأن يكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال توفير فرص العمل والقضاء على البطالة، اضافة الى اقامة دورات توعية للشباب العراقي من خلال منظمات المجتمع المدني أو وسائل الإعلام أما (زهراء وشهد) طالبتان جامعيتان فكان رأيهما "أن الظروف الاقتصادية والمعيشية والمصير المجهول ، لدى أكثر الشباب جعلت الكثير منهم غير قادرين على التفكير في موضوع الزواج وتكوين عائلة وطي ورقة العزوبية.وأكدتا " ان العادات والتقاليد قد لعبت دورا مهماً في هذا الموضوع فمثلاً ان البعض من الشباب يبدون تخوفاً من الشابة الجامعية لكونها تلتقي مع صنف الرجال وتتكلم معهم، أي الاختلاط مع الزملاء في الدراسة ." وتطرقتا الى "ان الشاب وخاصة الطالب الجامعي وبعد التخرج لم يكن قادراً على تحقيق جميع متطلبات أهل الشابة، حينما يتقدم للزواج بها ، لكونه في بداية الطريق يفترض أن يراعوا ظروف المتقدم للزواج وتقدير حالته المادية .أما (هدى 22 عاما) طالبة جامعية فكانت قصتها تختلف تماماً عنهن لكونها مرت بعلاقة عاطفية مع احد زملائها في الدراسة قائلة: " كانت لي علاقة مع احد زملائي في قسمي وكنا قد اتفقنا على كل شيء ولم يكن أمامنا سوى الارتباط لديمومة علاقتنا وتحقيق أحلامنا ، فحينما تقدم لطلب يدي من أهلي طالبتهم والدتي بطلبات كثيرة كان بعضها تعجيزيا والمطالبة بمهر عالٍ ولم تبال بحب ابنتها له، ولكونه يعيش في ظروف لم يستطع خلالها توفير طلبات والدتي فكانت نهاية علاقتنا"وفي ما يخص الجانب النفسي الذي يُعد عاملاً مهماً في هذه القضية قال الدكتور علي تركي القريشي أستاذ علم النفس: إن العامل الاقتصادي ينقسم إلى شقين: الأول عدم الإيفاء بتكاليف الزواج، والشق الثاني توقعه بعدم قدرته على الإيفاء بمتطلبات ما بعد الزواج. والعامل الثاني مهم ورئيسي هو أن تأسيس الأسرة يكون أفضل في حالة الاستقرار السياسي للبلد وإذا كان البلد غير مستقر سياسياً أو اجتماعياً فكيف للشاب أن يؤسس الأسرة فتعتبر مغامرة كبيرة من الدرجة الأولى له.فيما يقول الأكاديمي فراس قنبر أستاذ علم اجتماع  أن الجانب الاقتصادي هو احد الأسباب التي تساهم بدرجة أو بأخرى في عزوف الشباب عن الزواج كما أن التجربة الفاشلة التي يشاهدها الشاب أمامه لأحد زملائه أو أصدقائه تدفعه لعدم الزواج وهذا سبب آخر مهم، وعدم الاستقرار النفسي للأسرة والمشاكل بين الأب والأم التي قد تكون سببا ايضاً في عدم إقبال الشاب عن الزواج ، ومغريات الحياة تلعب دورا أساسيا في بعض الأحيان بأن الشاب يريد أن يعيش حياة ممتعة بعيداً عن المسؤولية.