عباس الغالبي لعل من المهام الرئيسية التي يضطلع بها البنك المركزي العراقي هي مراقبة وتقويم أداء المنظومة المصرفية بشقيها الحكومي والاهلي ، كما انه يعمل بين الفينة والاخرى على اجراء تعديلات معينة على اللائحة التنظيمية التي تعمل على وفقها المصارف ، ومن أهم القرارات تلك المتعلقة برفع رأسمال المصارف من 50 مليار دينار الى 250 مليار دينار وعلى مدى ثلاث سنوات ، سعياً منها للارتقاء بأداء المصارف في المشهد الاقتصادي .
قد أشرنا في مناسبات سابقة الى هذه الحقيقة التي مازالت لحد اللحظة تشكل علامة بارزة من علامات المنظومة المصرفية ولاسيما الخاصة منها والتي قارب عدد المصارف فيها حوالي 40 مصرفاً ، ولكن المشهد الحالي يدعو للاستغراب والمفارقات ، حيث مازالت كثير من المصارف متأرجحة مترددة عاجزة عن رفع رأسمالها تحت مسوغات غير واقعية ، في وقت تطالب هذه المصارف ذاتها وبطلبات رسمية للبنك المركزي بتزويدها بالدولار الامريكي وبسقف يقترب من 500 مليون دولار يومياً بعد سماح البنك المركزي مؤخراً للمصارف الخاصة بشراء وبيع الدولار وعدم الاقتصار على المزاد اليومي لبيع العملة الاجنبية ، حيث تعد هذه المحاولات التي لم تلب من قبل البنك المركزي مفارقات لافتة للنظر ، ففي الوقت الذي تتباكى فيه هذه المصارف من عدم قدرتها على رفع رأسمالها ، تطالب بهذا السقف من العملة الاجنبية .ولا نريد هنا ان نشكك بهذه الطلبات ونضع استفهامات حيالها ، بل نشير الى حقيقة مفادها ان هذا التعاطي الانتقائي لا يخدم العمل المصرفي بشكله الاعم والاشمل ولا ينعكس ايجابياً على الاداء لكل مصرف طالب بالحصول على هذا الحجم من الدولار .وإزاء هذه الحقيقة كنا قد اشرنا في مقالات سابقة الى ضرورة اتخاذ البنك المركزي العراقي قرارا بدمج عدد من المصارف مع بعضها او تعليق عمل وسحب اجازات المتلكئة منها ، حيث غدت كثير منها مصارف عوائل كمالية لا تؤدي نشاطاً مصرفياً مؤثراً ، وتحولت الى دكاكين صيرفة ليس إلا ، وهنا لابد من الاشارة الى ان انشط المصارف وابرعها حالياً في العراق لا تؤدي سوى تسع خدمات في حين ان مصارف دول الجوار تقدم ما يقرب من 80 خدمة مصرفية ، وهنا نؤكد على دعوتنا للبنك المركزي باتخاذ عدد من القرارات الخاصة بدمج المصارف وبحسب ما يتضمنه قانونا البنك المركزي والمصارف الحاليان .كما لابد من الاشارة الى مفارقة أخرى في المشهد المصرفي تلك المتعلقة بعناوين وتوصيفات واسماء عدد من المصارف الخاصة ( التنمية ،والاستثمار، الدولي) ، حيث ان هذه المصارف لا تمارس دوراً تنموياً أو استثمارياً يعتد به له دلالاته الاقتصادية الواضحة والمؤثرة ، كما ان بعض المصارف تحمل صفة الدولي وهي محلية بامتياز ولا تتمتع بصفة الانتشار والاداء المصرفي الدولي خارج العراق ، فهي مازالت أسيرة التعامل الداخلي المحدود .
اقتصاديات :مفارقات مصرفية
نشر في: 30 يونيو, 2012: 08:29 م