TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > عن الكتابة النسوية و"نرجـس ينـــــام علـــى حجـــــر"

عن الكتابة النسوية و"نرجـس ينـــــام علـــى حجـــــر"

نشر في: 1 يوليو, 2012: 06:51 م

ياسين طه حافظقراءة هذه المجموعة الشعرية تنقلنا إلى دائرة تساؤلات لا تقتصر على كتابة الأدب . فأنت أمام كتاب جديد , ما يزال يافعاً , وأمام رموز شديدة الكثافة تبدو عانت من الكتمان وأوجدت لها شقوقاً للبوح . فهناك مخاطر في بدء الكتابة وفي التعبير الكاشف والمسموح به .
لذلك تبدو الجمل البسيطة . الجمل الحذرة حدّ القطع , تبدو مثقلةً بالإشارات الصعبة , فللنساء متاعبهن ولهن من العذابات ما لا يعرفه الرجال وما لم يؤلف في الكتابة . وهذه مسألة أخرى , إشكال آخر يجعل المضمون بعيداً عن التماس بالمباشرة التي تدرّبنا "أدبياً" عليها .هي ثاني مجموعة شعرية لها . لكن الشاعرة , كما يبدو من تركيب الجملة وطريقة توجيه الإشارة , قد خبرت الكتابة منذ زمن وتدرّبت قبل هذا الوقت .ولأن دراستها فردية والتدريب فردي , يظل في السطور ما يؤكد الحاجة إلى عدم ابتعاد أصول البلاغة – في حدها المعاصر – عن صياغة السياق .إننا إذ نحتفي بالمجموعة وبمستواها النسوي المتقدم , حدَّ تجاوز المتوقع , لشاعرة جديدة , إنما نهتم بصوت نسوي يحمل أجواءه ومضامينه الطارئة على القراءة الاعتيادية والجديدة على لغة الشعر السائد المتآلفة عادة مع المعروف الشائع مما يكتبه "الذكور" . ما يعنيني هنا ليس هو الشعر فناً ,ولا الديوان , وان كان هذا هو موضوع اهتمامنا الأول , ولكني شخصياً معني بتواجد الحركة النسوية عندنا ومدى التعبير الجديد عنها .في الكتابات النسوية عن عوالمنا الشرق أوسطية المُجَلبَبة والمُحاصَرَة وشديدة التعتيم , نحتاج إلى قراءة خاصة , قراءة صَبور ومتأنية وبعقل مثقف بـ""الحركة النسوية الحديثة" . معنى هذا الكلام قراءة بعقل آخر معني بموضوعات العصر الاجتماعية . هي ليست الطريقة نفسها تماماً التي نقرأ فيها الرجال .مشكلة الكاتبة في شرقنا , المُدان إنسانياً وأخلاقياً , ومشكلة الشاعرة والفنانة , إنها "فرد في أسرة" و "الأسرة لها أب" والأب "مسؤول عن عائلة" والأفراد تحت رعايته وهو "يرعى" هم !التعامل سيكون إذن برمزية بطرياركية وبأفكار بطرياركية . "القائد" يرعى "أبناءه" –الشعب- , الشعب هم "أبناء" القائد أي ضمن السيطرة والتوجيه . وهكذا تتجاوز مفردات:حكومة , رعاية , أبوية , أخوية , التي هي كلها تقع ضمن مضمون "رعاية" أو "سيطرة" ! وهذه ستتفرع منها مفردات : الثقة , الطاعة , الغيرة , الهيمنة , القمع , الخديعة , الأسف , الخيانة , العقاب , وهذه كلها تخضع للـ"أشراف" . وهنا علينا , أو على المرأة , أن تتقبل ذلك "الانسجام المصطنع والعدالة المفترضة من أعلى وأكثر من هذا المشاركة فيها ! وهنا أيضاً يصبح مفيداً للمرأة تعلم قواعد اللعبة وتجريب الخداع بألوانه ! وهكذا دخلت المرأة في عملية "تجريب الأقنعة" ومثل هذه الحالة تتجاوز الوسط العائلي لتُمارس سياسياً أيضاً . فهي اللعبة نفسها عن "الحكومة –العائلة" ومصطلحات النظام العائلي أو الحكم البطرياركي بإطار يبدو مذَهَّباً ..عملية تجريب الخداع هذه توصلنا أدبياً إلى تجريب الأقنعة . وهنا يبرز السؤال: كيف تكتب المرأة عن عذاباتها , حرماناتها المتعددة أو استشرافاتها الشخصية في أجواء المنع وعلامات X المتعددة ؟لا بد من استحداث أسلوب . لا بد من وعي خاص بمفردات خاصة مؤتمنة , لا بد من أن تمتلك طريقتها السرية لتسريب الإشارة .المرأة الشاعرة لا تدرّب عينَها "لترى ولا ترى" حسب . ولكنها تدرّب قلمها لأن تقول ولا تقول . والمشكلة تتعقد أكثر حينما تزدوج الشخصية النسوية , حينما تكون اثنتين , واحدةً تريد الكشف والأخرى تحجب الرؤية . لغتان في الكتاب تشتبكان ! وهذا أول الرصد لأسلوب الكتاب أو لهذه الكتابة . هي أول مجموعة شعرية عراقية مثقلة بمثل هذه النسوية المعقدة , وبهذا الحجم ولعل ملاحظتي لعموم الطرح جعلتني , في كل صفحات الكتاب , أجد التركيب يشي بعبارتين متضادتين في المهمة فبين أن يكون الخطاب موجهاً إلى الجمهور , وبين نزوع آخر لأن يكون "للبعض" منهم , او فقط للأكثر حميمية ! هذا يذكرني ويجعلني استعين بقول لدوريس لسنج الروائية البريطانية المعروفة:"البناء العقلي النسوي مضروب من الداخلشيء جديد مزعج يحدث . قد يكون رائعاً, من يعلم ؟من الصعب اليوم ان تميز بين العظيم والمزعج .."(Public Man Private Woman J. B. Elshton p. 201) وهذا الكلام يأخذنا إلى مجمل قضايا التعقيد النسوي . وان طبيعة الاتجاه النسوي ومعناه الأكثر عصرية , أصبحا موضوعاً جديداً للبحث النقدي , موضوعاً له حقله الخاص . وأول اهتمامات هذا النقد هو: بأية لغة تطرح أديبات اليوم "مضمون" النسوية الجديد ؟ وإذا علمنا بان هذا المضمون عانى القمع والدفن قروناً , فاللغة الاعتيادية المتآلفة مع موضوعاتها , يصعب أن تتقبل ذلك , ويصعب على الكاتبة أو الشاعرة التعبير بدقة كافية عن إشكالات مرفوضة على نطاق ما وشائكة لكنها عصرية على نطاق ما . الصعوبة هنا هي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram