حازم مبيضينأنهت الأحكام الصادرة ضد الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك ومعاونيه، سبعة آلاف عام من حكم الفراعنة، التي يتقمص فيها الحاكم الفرد الدكتاتور، دور إله فيما اعتبره الثوار الذي عصي على المساءلة، وكان متوقعاً رد فعل الشارع على الحكم، الذي رآه البعض مشدداً،
ورآه آخرون مخففاً،لايتناسب مع حجم جرائمه ضد الشعب المصري، وهكذا نزل الجميع إلى الشوارع، الثوار بهدف منع مرشح الفلول الفريق أحمد شفيق، من الاستمرار في المنافسة على منصب الرئيس، بغض النظر إن كان هو من سيعلن ذلك، أو بقرار من المجلس العسكري بإلغاء نتائج الانتخابات كاملة، أو بقرار من المحكمة الدستورية بتطبيق قانون العزل عليه، بما يعني صعود حمدين صباحي إلى الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات، ليتنافس على الموقع الأول مع المرشح الاخواني محمد مرسي.وليستعيد الثوار انتصارهم، وليستعيد الشارع المصري الهدوء، يبدو أنه لابد من استبعاد شفيق، وتلك هي مهمة الثورة التي تمكنت من خلع مبارك، وهو في سدة الحكم وعز سطوته، وهم يسعون اليوم لإزاحة شفيق من طريق الرئاسة، قبل أن يصل إليها، وبديهي أن التظاهرات المليونية، التي ستحتل الساحات والميادين، اعتبارا من يوم الجمعة المقبل، وبدأت طلائعها منذ إعلان الأحكام، ستكون بداية ثانية للثورة، تؤكد أن الشرعية الثورية هي الحكم والفيصل، وليست شرعية صندوق الاقتراع، الذي جاء بأسوأ نتائجه على المصريين، ووضعهم في موقف لا يحسدون عليه. يرى الكثير من المصريين، أن اللجنة العليا للانتخابات ارتكبت خطأ فادحاً، بسماحها لشفيق بخوض الانتخابات، وبديهي أن ذلك كان استجابة لطلب ملح من المجلس العسكري، الذي تجاوز بذلك شرعية الثورة، فأعاد الثوار إلى الميادين، مطالبين باستبعاد واحد من أخلص تلاميذ مبارك، بما يعني حتماً وجوب تراجع العسكر عن رغباتهم، والانحياز إلى المطالب الشعبية، التي كان لهم وللحق الأثر الكبير، والفضل في تحقيق أبرزها وهو خلع مبارك، والمؤكد أن تراجع المجلس العسكري لن يكون مجانياً، ولن يأتي دون حشد مليونيات كثيرة، تضغط على العصب الحساس عنده، وتمنعه من المضي في خططه لاستمرار العسكريين في حكم مصر.يجد المجلس العسكري نفسه في موقف حرج لا يحسد عليه، فهو مطالب بحماية الشرعية الشعبية، واحترام نتائج صناديق الاقتراع في آن معاً، لكن ذلك لن يبعد الشرعية الثورية من الساحات، خصوصاً وهي تدرك حجم قدراتها على التأثير والتغيير، وتعي جيداً أنها هي من جاء بالمجلس العسكري إلى السلطة، على أن يكون ذلك مؤقتاً وانتقالياً، يصل بالثورة إلى أهدافها، وليس تجيير تضحياتها لتنحصر في تنافس بين مرشح الإخوان الذين التحقوا متأخرين بميدان التحرير، ومرشح الفلول الذي سيعني حتماً استمرار حكم مبارك، حتى لو قضى هذا ما تبقى له من عمر خلف القضبان.حين نطق القاضي بأحكامه في محاكمة القرن، فإنه نطق ضمناً بحكم غير قابل للنقض، وهو عودة الثوار إلى الشارع لتصحيح المسيرة، ومنع القفز على تضحياتهم، ومحاولة اغتيال آمالهم بالأفضل، صحيح أن مشهد إعدام مبارك كان سيرضي الكثيرين، لكن المؤكد أن حبسه مدى الحياة، سيكون أكثر إيلاماً لرئيس، ظن على الدوام أنه مبعوث العناية الإلهية، وأن ليس على شعبه غير السمع والطاعة، وقبول كل ما يصدر عن حكمته، والخضوع لكل رغباته، حتى لو كانت على حساب جوع مواطنيه.وبعد، الكلمة اليوم للشارع لاستعادة المكتسبات، وليس توزيعها بين الفلول والإخوان، فهل يسمع العسكر؟
في الحدث: وانتهى حكم الفراعنة
نشر في: 1 يوليو, 2012: 07:08 م