TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: "جاون" المنصب

نص ردن: "جاون" المنصب

نشر في: 1 يوليو, 2012: 07:11 م

 علاء حسن المتابع لنشرات اخبار بعض الفضائيات يكتشف  وخصوصا  لمن تعرف على اماكن مقراتها  بانها تعتمد في معظم تقاريرها المتعلقة  بردود افعال المواطنين على تداعيات الازمة السياسية  تصويرها حارس المبنى ، والحدقجي ،  وشقيق مدير الاخبار  وابن عمه ، وتمنحهم فرصة الحديث وتوجيه الاتهامات لاحد القادة السياسيين بانه يسعى الى كرسي السلطة باساليب تآمرية ،
وطرق ملتوية ،  لابعاد  من حاز على اصوات ملايين الناخبين  من منصبه ، واثناء الحديث يعرض التقرير لصور سياسيين  لغرض توضيح  الفارق بين من يجلس  على الكرسي بارادة شعبية ، واخر لم يجد غير "الجاون "  مكانا لطرح  تمنياته ."الجاون " ياسادة ياكرام كان يستخدم في "هبش الشلب " وصنع "المدكوكة " من التمر الزهدي والسمسم ، وله اغراض اخرى ، يعرفها ابناء الجيل السابق ، وفي بعض الاحيان يستخدم كرسيا  لجلوس الضيف الافندي بعد تغطيته بقطعة قماش او مخدة من الصوف ،  او فروة خروف ، الجاون الخشبي كغيره من الادوات المنزلية المستخدمة في الريف ، غادر الحياة منذ سنوات طويلة  فانقذ  النساء من بذل جهد عضلي اثناء  عملية "الهبش " بواسطة الميجنا ، وهي عمود خشبي بطول اكثر من متر وفي نهايته قطعة  خشبية صغيرة  لكنها ثقيلة للحصول على  افضل "هبش " ليس له علاقة بما تقوم به تلك الفضائيات من "هبش"  في الهواء ، الغرض منه توجيه الشتائم لخصوم صاحب الفضائية زعيم الحزب الفلاني .بين اوساط  لاعبي كرة القدم في الملاعب الشعبية  يقال عن الشخص الفاشل في اجادة اللعب الصحيح  بانه" يهبش " اي  لايعرف اصول اللعبة وقواعدها  وقانونها ، ويستحق الكارت الاحمر من الحكم ليخرج من  الملعب ، حفاظا على الاخرين من لعبه الخشن ، وفي السياسة  توجد لعبة  من نوع اخر ،  يتداولها بعض المحللين من اصحاب الصوت الصاخب ، وغالبا ما نسمع منهم ان الزعيم السياسي رئيس هذه القائمة او ذلك الائتلاف لا يجيد اللعبة السياسية ،  اي يهبش من دون مراقبة من حكم الساحة او مراقبي الخط ، وحينما يجلس على كرسي السلطة ، وينظر الى خصمه ابو "الجاون " يأمر العاملين بفضائيته ببث المزيد من التقارير،  تتناول ردود افعال المواطنين  حول العديد من القضايا ، ومن اهمها التركيز على فشل الاخرين في الحصول على تأييد شعبي  لتطلعاتهم في  الحصول على الكرسي ، لانهم لا يجيدون غير "التهبش" في اللعبة السياسية . فضائية صاحب الكرسي  تجاهلت اعداد برامج حول الادوات المنزلية المنقرضة مثل الجاون و"الرحة" لانها تقوم بمهمة الهبش والطحن على مدار الساعة ،  بدفاعها  المستميت عن الحق الدستوري لصاحبها ، ودعمه  بارادة شعبية واسعة ، وتصر على بث اخبار المسؤولين ونشاطاتهم الوهمية  في مجال تقديم ارقى الخدمات ، واحيانا تنتقل الى بث مباشر لنقل زيارة احد كبار المسؤولين لمجلس عزاء ،  مصطحبا معه خمسين خروفا ومئات  من  عناصر قوة مسلحة كبيرة مزودة باجهزة ومعدات ترعب من يراها ، لتوفر الظروف الامنية لمدة خمس دقائق فقط  لقراءة سورة الفاتحة ثم العودة بموكب مهيب الى مقره  ليجلس  على الكرسي ، فيما  يبقى "ابو الجاون"  منتظرا اربع سنوات او اقل لخوض الانتخابات التشريعية  ويحقق حلمه التعيس بالوصول الى الكرسي بحسب  ماورد في تقرير  مراسل الفضائية  .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram