TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > سحب الثقة المفقودة

سحب الثقة المفقودة

نشر في: 1 يوليو, 2012: 07:20 م

أحمد حسينمضحك ما يتداوله الساسة منذ أيام، وتردده من بعدهم وسائل الإعلام والنخب الثقافية والدينية والاجتماعية وحتى الشعبية، أنها نكتة (سحب الثقة) ولا أدري عن أي ثقة يتحدثون، وهل حقا هم وثقوا بالمالكي عندما اختاروه رئيسا للحكومة الحالية، أوليس المحاصصة والمنافع و(هذا إلي وهذإلك) هي التي فرضت هذه الحكومة وسابقتها وأفرزت هذه المعطيات؟!
بمن يثق الساسة، وبمن سيضعون ثقتهم إذا ما افترضنا التزامهم بتهديدهم هذا للمالكي والمضي باستبداله، لكن إذا لم يفعلوا ذلك – وهو ما أطمئن إليه – فهل يعني أنهم وثقوا به مرة أخرى ليتم سنواته الأربع التي لم يتبق منها سوى سنتين منقوصتن؟!أسئلة الثقة كثيرة ومتشعبة، لكن بما أن منح الثقة وسحبها هو محور الأزمة الظاهر – ولنتجاهل المحور المخفي وهو المصالح – لذا لابد من توضيح بعض الجوانب الهزلية في الموضوع.منذ سقوط النظام المباد وتشكيل مجلس الحكم ومن بعده الحكومة المؤقتة التي ترأسها الدكتور إياد علاوي، ومن ثم الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور إبراهيم الجعفري، وما تلاها من حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، خلال هذه الانتقالات السلطوية وطوال السنوات التسع التي انقضت بمرارة لم يكن للثقة وجود بين الكتل السياسية، وتطور الحال باتجاه انعدام الثقة بين الأحزاب في الكتلة الواحدة، ليتفاقم إلى لغة التخوين والتشكيك داخل الحزب الواحد، وينتهي مؤخرا بالانقسامات والصراعات العلنية بين أبرز الشخصيات داخل الحزب.وبسبب غياب الثقة منذ الأشهر الأولى بين الكتل السياسية والسياسيين أنفسهم شيدت العملية السياسية على أسس المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، قبل أن تتطور إلى المحاصصة المناطقية والشخصية في الحكومة الحالية، وأيضا على أساس انعدام الثقة تمت صياغة دستور هزيل يعد بحد ذاته أزمة ثقة، لما فيه من مواد وفقرات هي أشبه بالقنابل التي تم توقيتها عن قصد لتنفجر بمجرد الضغط على زر التصريحات الإعلامية.منح الثقة للحكومة مصطلح سياسي ولا علاقة له بالأخلاق، هذا ما نعرفه عنه، لكنه في الدول التي تبنت الديمقراطية خيارا مصيريا يتجسد بمعناه الحرفي، فعلا في تلك الدول هناك ثقة يمنحها الناخب للحكومة ورئيسها ليقدم لهم ما يأملون الحصول عليه، أو لحكم البلد والتوجه به نحو الأفضل، أو في أدنى المستويات تكون ثقة بنظام الدولة الذي لن يسمح للحكومة أن تهدد الأمن القومي والاقتصادي الوطني أو السلم الأهلي أو تنجرف بالبلاد إلى غير مساراتها التي أرادها لها المؤسسون الأوائل وتبعهم عليها من جاء بعدهم.وعلى النقيض من ذلك أسس ساستنا وصناع القرار سواء كانوا شركاء في العملية السياسية أو من خارج إطارها إلا أن حضورهم واضح فيها، أسس هؤلاء بنيانهم على والشك والتخوين والحصول على أكبر قدر من المكاسب والمنافع، هم بالأساس لم يعتمدوا الثقة مبدأ للعمل أو التعاون، كما أن الناخبين هم الآخرين لم يبادلوهم الثقة فمن انتخب هذا لا يثق بذاك بالضرورة، بل أن البعض خاطر بحياته في الانتخابات الثلاثة ليكثر من رصيد أصوات أحدهم لا حبا به ولكن بغضا بخصمه.دعونا نتذكر أيضا تصريحات المالكي قبل عام من الآن بشأن ترشحه لدورة انتخابية ثالثة حين قال بالحرف الواحد (الدستور حدد بقاء رئيس الجمهورية لدورتين فقط، لكنه لم يحدد عدد دورات رئيس الوزراء، لكنني لا أرغب بدورة ثالثة) وهو ما تراجع عنه مؤخرا إذ أوكل الأمر إلى رغبة الناخبين العراقيين، هنا تبدو أسباب حملة سحب الثقة أوضح، فهناك من لا يريد للمالكي دورة ثالثة لا خوفا على الديمقراطية بل خشية من تثبيت دعائم الحزب الأوحد، خاصة وأن المعطيات تبشر بتحسن قد تشهده السنوات المقبلة وهو ما سيحسب للمالكي وحزبه حتى وإن لم يكن له يد فيه، ما يعني تمهيدا لكسب ثقة ناخبي الخصوم مهما كانت نسبية وبسيطة.محور الثقة المزعومة هو أساس الأزمة، ليس هناك ثقة لتسحب أو تمنح، فلا أحد يثق بأحد، والجميع يشككون ببعضهم البعض، ويلقم كل منهم مسدسه برصاصة التخوين وهم يجلسون على طاولة الحوار، بالتالي أنا على ثقة تامة أن الثقة لن تسحب ولن تمنح ولن تجد لها مكانا في أجندة الساسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram