أ.د. قاسم حسين صالح| 3-3 |التبخير بالحرمل وذلك بحرق بذور الحرمل في البيت وقت المغرب عادة ، وتستخدم لتوقّي الإصابة بالحسد وإبعاد الشر . أما لماذا وقت المغرب، فأظن أنها تتعلق بالاعتقاد بأن الجن يأوي إلى البيوت مع غياب الشمس، وهذا يعني أن التبخير بالحرمل يستعمل لطرد الأرواح الشريرة. وتعمد بعض الأمهات في حالة مرض ابنها فجأة إلى أن " اطكله حرمل " اعتقادا" منها بأن الروح الشريرة " الجني أوالعفريت " سيهرب منه إذا اشتم رائحة الحرمل ، أو أن المحسود سيذهب عنه شرّ حاسده .
لبس المحابس(الخواتم) يضع بعض العراقيين في أصابع أيديهم ( بينهم متعلمون ) محابس بلون شذري أو بخرزة زرقاء أو بفص من العقيق إما للتبرك أو لتوقي الإصابة بالعين أو لجلب الرزق . فاللون الأزرق أو الشذري وظيفته إبطال الحسد ، والعقيق بلون القريب من الجوزي وظيفته التبرك ،وألون خواتم أخرى يقرأ عليها (السيد ) آيات قرآنية وظيفتها المحبة وجلب الرزق.وقسم يضع المحبس تحت وسادته مع قطعة نقود معدنية وقطعة خبز صغيرة وينام ،فإذا استيقظ في الصباح يكون قد رأى حلما في المنام بخصوص القضية التي نوى ( الاستخارة ) بخصوصها .وتستخدم هذه الطريقة عندما يكون الشخص حائرا بين أمرين . ولقد لاحظت مؤخرا عددا من السياسيين العراقيين يلبسون الخواتم التي يغلب على فصوصها اللون الأزرق أو الشذري ، ولا أعلم ما إذا كان الغرض منها دفع الحسد لوصولهم إلى مراكز قيادية في الدولة ما كانوا يحلمون بها ، أم للحماية من الأخطار ،مع أن كل واحد منهم لديه فصيل من الحماية المدججين بالسلاح بأحدث الأجهزة الإلكترونية .rn الآيات القرآنية يكثر العراقيون من وضع الآيات القرآنية في بيوتهم، لاسيما المعوذتين وآية الكرسي، ويفضلون أن تكون مكتوبة باللون الشذري، وغالبا" ما يعلقونها في غرف الاستقبال، أو في مدخل البيت . ويبدو أن الغرض السيكولوجي منها هو الوقاية من حسد الزائرين، ودفع الشر عن أهل البيت ، وليس للتبرك كما يقول البعض، إذ لو كان الأمر كذلك لوضعوا آيات أخرى من القرآن، لكن هذه الآيات بالذات تستعيذ بالله من الحسد ومن كل مخلوق مجبول على إيذاء الآخرين أو تمني السوء لهم .rn نعيق الغراب وصوت الططوة يتطير العراقيون من نعيق الغراب لا سيما إذا كان أسود" ويرمونه بالحجر إذا نعق قريبا" من الدار لاعتقادهم بأنه نذير شؤم. ويتطيرون أيضا" من صوت طائر صغير يسمونه " ططوه" له صوت مزعج كما لو كان صراخ امرأة مفجوعة يحملهم على الاعتقاد بأن هذا الطائر يحمل لهم خبرا" بأن أحد أفراد البيت سيموت أو انه معرض للخطر ، ولهذا تردد العراقيات الشعبيات حين يسمعن صوتها عبارة ( سجينه وملح ) لتخويف الطير بالهرب والنجاة بريشه. والمفارقة أن خرافات التطير انتشرت بين العراقيين في الألفية الثالثة أكثر مما كانت عليه منتصف الألفية الثانية . والسبب الرئيسي يعود إلى توالي المحن على العراقيين لأكثر من 30 سنة دون التقاط الأنفاس ، وانعدام وجود سلطة قادرة على حل مشكلاتهم والتخفيف من معاناتهم الحياتية ، فضلا عن ظهور قنوات فضائية عراقية ( أكثر من خمسين قناة ) معظمها تبث برامج فيها ما يروج سيكولوجيا التطير لاسيما برامج الأبراج. ويبدو أن الاحتراب الطائفي يوفر الفرصة للأشخاص الذين لهم سلطة دينية أو اجتماعية أو سياسية- دينية على بث معتقدات خرافية يزداد شيوعها بين الناس في أوقات الأزمات وفقا لمبدأ العدوى النفسية . ونعود إلى خرافتنا الجديدة( طفل الحنّاء) ..فمع أن عراقيين عزو هذا الأمر لأسباب اقتصادية..بأن هنالك عقلا تجاريا شيطانيا ذكيا (اخترع)هذه الخرافة لتصريف بضاعة كاسدة مستهديا بحادثة سابقة شاعت زمن ظهور انفلونزا الخنازير تقول إن (الماش) يشفي منها..ونفد الماش في حينها كما نفدت الآن..الحنّاء الكاسدة من سنوات!، فان أحد أهم أسباب شيوع الخرافة هو أن الناس تعتريهم حالة التطير في أوقات الأزمات السياسية..وان العراقيين يعيشون الآن،ومن تسع سنوات،سيكولوجيا التناقض الانفعالي، تلعب بهم مثل رقّاص الساعة..بين التشاؤم والتفاؤل،بين شرّ مرتقب وانفراج قريب. وسيظلون ينفّسون عن أنفسهم بخرافة كلما عصرهم السياسيون بأزمات بعضها ينتجها عقل سياسي شيطاني كعقل تاجر الماش والحنّاء!..ولنفس الغرض..تصريف بضاعة كاسدة!
الخرافة وعلاقتها بسيكولوجيا التطيّر
نشر في: 1 يوليو, 2012: 07:20 م