يعقوب جبر الرفاعي أزمات تتلو أزمات هذه هي الصورة الواضحة لواقعنا السياسي في العراق منذ عام 2003 على أقل تقدير وحتى يومنا الحاضر، والسبب أن القرار السياسي لا يصدر من جهة واحدة فقط بل يصدر من عدة جهات، أما المواطن فقد بلغ به اليأس مأخذا عظيما لم يعد يملك الأمل في حدوث تغيرات جذرية ملموسة، فمثلا ملف الخدمات ما يزال دون مستوى الطموح،
بما فيه توفير التيار الكهربائي بصورة تسد الحاجة، والملف الأمني أيضا ما يزال دون مستوى طموح المواطن، وفوق هذا وذاك ينشغل السياسيون منذ سنتين بافتعال الأزمات السياسية، فلم يعثروا على حلولها حتى يومنا هذا، ويبدو بحسب المعطيات أنهم لن يعثروا على الحل أبدا؛ مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، فما تبقى لانطلاقها هو سنة ونصف السنة فقط. السياسيون منهمكون في الصراع السياسي بحثاً عن السلطة والثروة، وكل كتلة تطمح إلى الحصول على مساحة أوسع في سلم السلطة والثروة، فهل نحن نعيش ضمن ميدان دولة تعتاش على الصراع السياسي؟ لنفترض أن الصورة معكوسة؛ دولة بلا صراع سياسي هل يمكن أن نتصور نفس السياسيين الحاليين يديرون شؤونها؟ لا أعتقد ذلك،فالدولة التي تخلو من الصراع السياسي وتجنح إلى التنافس السلمي والحلول المشتركة ستضم سياسيين ناجحين من نمط آخر؛ همّهم العمل المشترك لبناء الدولة وتفعيل مشاريع البناء السياسي والعمراني، أما السياسيون الحاليون فهم ليسوا أكفاء في مجال إدارة شؤون الدولة بل هم انتهازيون ووصوليون يضيعون الوقت ويهدرون موارد الدولة، في حين أنّ هنالك كمّا هائلا من المواطنين يعيشون حياة بائسة لا نهاية لها إلا بتولي زمام أمور الدولة من قبل سياسيين كفوئين ومخلصين يخافون الله ويضعون نصب أعينهم معاناة المواطن قبل أي شيء.الوضع السياسي الحالي متذبذب وغير مستقر لا وضوح لصورته والسياسيون بأجمعهم لاأولويات لديهم، وحتى لو أعلنوا عبر تصريحاتهم أن الوضع السياسي المتوتر ذاهب إلى انفراج واستقرار لكنها مجرد أقاويل لا أساس لها إطلاقا، تنمّ عن الفشل الذريع من قبل الجميع. يتحدث السياسيون عن الفساد الإداري والمالي بإسهاب متناسين أنهم في قمة هرم الدولة، فهل يمسك المواطن المسكين زمام الأمور في الدولة؟ أم يمسك به السياسيون؟ فلماذا يطلقون التصريحات هنا وهناك بمناسبة وغير مناسبة ناقمين وناقدين؟ منهم من ينتقد السلطة التشريعية وهو جزء منها، ومنهم من ينتقد الحكومة وهو أحد أركانها، ومنهم من يتحفظ ويتحاشى إطلاق أي تصريح خوف إثارة حفيظة الآخرين.هل ُيعقل أن ينتقد السياسيون العملية السياسية وهم جزء منها بل هم من يملكون مفاتيحها؟! أما المواطن فهو المتضرر الأكثر تضررا مما يجري من أحداث لها انعكاساتها على واقعه المزري؛ حتى بلغت قناعاته درجة الإحباط المطلق بالنسبة للحراك السياسي، فالسياسيون يتحركون منذ عام 2003 داخل حلقة مفرغة يبدأون من نقطة لينتهوا في نفس النقطة، فمثلا كل واحد منهم ينتقد المحاصصة وهو من باركها، كلهم يدعون إلى التهدئة وهم من يمارسون عملية تفجير الأوضاع، كلهم يبدون حرصهم على المصالح العليا للبلاد وهم من يخلّون بميزان هذه المصالح،فهل أضاعوا جميعا الوجهة الصحيحة للبوصلة السياسية؟
أين الاستقرار السياسي؟
نشر في: 1 يوليو, 2012: 08:10 م