حازم مبيضينقبل الانتهاء من قراءة البيان الصادر عن مؤتمر جنيف, كانت التفسيرات المتباينة لما تقرر تتطاير على الفضائيات, بهدف منع أي فهم ملتبس لمواقف المشاركين. ففي حين أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية أن الاجتماع يمهد الطريق لمرحلة ما بعد الأسد، وتبعها نظيرها الفرنسي ليعلن أنه لا مجال للشك في أن على الأسد مغادرة السلطة,
وأنه لا يمكن لأحد أن يتصور للحظة أنه سيكون في عداد الحكومة السورية المقترحة، التي وصفها كوفي عنان بأنها انتقالية قد تضم أعضاء في الحكومة الحالية والمعارضة, وهي ستمارس السلطات التنفيذية, وينبغي أن يتم تشكيلها على أساس قبول متبادل, كان وزير الخارجية الروسي يؤكد أن العملية الانتقالية, يجب أن يقررها السوريون أنفسهم, ويشدد على وجوب عدم استبعاد أي طرف منها, وفي نفس السياق كانت تصريحات نظيره الصيني, الذي شدد أن الخطة الانتقالية لا يمكن إلا أن تكون بقيادة سوريين, وبموافقة كل الأطراف المهمين في سوريا.التفسير الغربي لما جرى في جنيف, يقود إلى اجتماع أصدقاء الشعب السوري, المقرر بعد خمسة أيام في باريس, بمشاركة أكثر من 100 دولة, إضافة إلى ممثلين للمجلس الوطني السوري المعارض, وهو يهدف إلى تأمين دعم متزايد من المجتمع الدول للمعارضة, وسيفرض ضغوطا على النظام, على أن يؤدي لاحقاً إلى إرسال مساعدة ملموسة على الأرض, والتفسير العربي المناوئ للحكومة السورية, يقود إلى مؤتمر للمعارضة السورية يُعقد في القاهرة اليوم, لمناقشة وثيقة عهد وطني, حول المرحلة الانتقالية, ومستقبل سوريا ما بعد النظام الحالي, وسيحضره وزراء خارجية عرب وأجانب. وفيما يتواصل نزيف الدم السوري, نكتشف أن اتفاق جنيف غير قابل للتطبيق على الأرض, بسبب الفهم المتباين لأهم مافيه, وهو رحيل نظام الأسد, كاستحقاق لأكثر من سنة من أعمال العنف, حصدت أكثر من 15 ألف قتيل في أقل التقديرات, ويبدو مثيراً للأسى أن عنان يؤجل التوصل إلى نتائج لمؤتمر جنيف, إلى عام كامل, يتوقع فيه " ببراءة " التوقف الفوري للعنف بكل أشكاله, وكأن أحداً من طرفي الصراع سيلقي سلاحه على الفور, ويرتدي رباط عنق متجهاً إلى اجتماعات مع الطرف الآخر, وكأن المعارضة ستقبل بأقل من أن تكون الحكومة الانتقالية مكرسة لبحث مرحلة ما بعد الأسد، وكأن النظام الذي يواصل اعتماد الحل الأمني, لمعالجة ما يصفه بالمؤامرة الخارجية, سيقبل التفاوض على رحيله وتسليم السلطة " للمتآمرين ". لم يكن أحد يأمل أن تأتي نتائج مؤتمر جنيف مغايرة لما حصل فعلاً, فالمقدمات لم تكن قادرة على الوصول لغير هذا, وليس لأحد توقع نتائج مبهرة من اجتماعي باريس والقاهرة, لأن أهداف المجتمعين لا تحظى بالإجماع, فكل يغني على ليلاه, وليس بين المجتمعين في فنادق الخمسة نجوم المكيفة الهواء, من يستشعر فعلاً الويلات التي يتعرض لها السوريون سواء كانوا تحت القصف المتبادل بين طرفي الصراع على الأرض, أو الذين فروا بأرواحهم إلى مخيمات اللجوء, أو حتى من يمتشقون أسلحتهم ويطلقون النار على " إخوتهم الأعداء ", والمهم أن انتهاء الأزمة السورية دخل في مرحلة التأجيل, بانتظار توافق دولي على حلها, أو توحد المعارضين, أو قبول النظام بالرحيل, أو حرب أهلية بدأت نذرها, وفي كل الأحوال لا نملك غير القول, سلام على سوريا وأهلها الطيبين.
في الحدث: سوريا بين مؤتمري جنيف والقاهرة
نشر في: 1 يوليو, 2012: 08:43 م