عدنان حسين أتمنى أن يتحقق للنائبة عضو لجنة التربية في البرلمان انتصار حسن ما وعدت به أمس عبر هذه الصحيفة. أتمنى هذا بحماسة منقطعة النظير لأنني في شكّ عميق بإمكانية أن تحاسب لجنة نيابية وزارة من الوزارات عن خطأ ارتكبته أو فشل وقعت فيه.
حسن تحدثت إليها "المدى" على خلفية واقعة، أو بالأحرى فضيحة، تسرب الأسئلة الخاصة بمادة الاقتصاد في امتحانات البكالوريا (السادس الإعدادي الأدبي) لهذه السنة، وقالت بالنص ((في حال تأكدت لجنة التربية من وجود تسريبات حقيقية في الأسئلة وإنها جاءت مطابقة لما جاء في الامتحان فسوف تقوم اللجنة بمحاسبة الوزارة)). بعد وقت قصير من إدلاء النائبة بحديثها هذا أول من أمس أقرّت وزارة التربية بحصول الواقعة – الفضيحة، فالمتحدث باسمها وليد حسن أعلن أن الوزارة ((ستشكل لجنة تحقيقية لمعرفة كيفية تسريب ونشر أسئلة مادة الاقتصاد للصف السادس الإعدادي بفرعه الأدبي، وكشف المسؤولين عن هذا التجاوز المخالف للقانون والمنافي للأخلاق والآداب العامة))، ورجّح أن يكون أحد مدراء المراكز الامتحانية هو من قام بتسريب الأسئلة.عن يقينٍ كامل لا أتوقع أن تنجح لجنة التربية النيابية في محاسبة الوزارة. والأرجح ألاّ يحصل من الأساس طلب بالمحاسبة، فمقدماً دفع المتحدث باسم الوزارة التهمة عن وزارته والمسؤولين فيها بترجيحه أن يكون الفعل من صنيع مدير لمركز امتحاني.ليس من المستبعد أن يكون الفاعل مديراً لأحد المراكز الامتحانية، لكن هل هو المسؤول الوحيد عمّا حصل؟ وهل هذا هو الحادث الأول من نوعه؟هناك بيئة مسؤولة عما حصل.. بيئة مناسبة تشبه البيئة التي تنمو فيها بكثافة الفطريات.. هي بيئة الفساد الضارب أطنابه في دولتنا بكل أركانها وزواياها ومن أعلى مراتبها ومناصبها إلى أدناها.. إنها بيئة نهب المال العام والقبول بهذا النهب بعدم ملاحقة السرّاق والاحتفاظ بملفاتهم لأغراض التهديد والابتزاز والترغيب والاستمالة.. إنها أيضاً بيئة تزوير الشهادات والوثائق الرسمية والقبول بهذا التزوير والغش بالسعي لتبريره والعفو رسمياً عن المزورين.ما كان لمدير مركز انتخابي أن يقوم بفعلته لو لم ير أو يسمع أن رئيسه الأعلى (مديرَ تربية أو مديرا عاماً أو وكيلَ وزارة) قد ارتكب جريمة أكبر ولم يعاقب عليها.. بل لم يُساءَلْ عنها.تمتلئ دولتنا، حكومة وبرلماناً ومؤسسات أخرى، بمرتكبي الأفعال المخالفة للقانون ولأبي القوانين، الدستور، والمتجاوزة على الأخلاق والآداب العامة، ويلقى هؤلاء بالذات كل التقدير والتكريم من أكبر الكبار في دولتنا.تسريب، بل بيع، الأسئلة الامتحانية فعل مشين للغاية، لكنه صغير بالمقارنة مع آلاف الأفعال المشينة التي تشهدها أروقة دولتنا كل يوم. السيدة النائبة، إذا أراد مجلسك أن يحاسب الوزارات عمّا ترتكبه من أخطاء وتقع فيه من فشل لن يجد الوقت لفعل أي شيء آخر.
شناشيل:بيع الأسئلة.. من المسؤول؟
نشر في: 1 يوليو, 2012: 09:48 م