TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > أرض الخيرات تعصف بها رياح الصحراء

أرض الخيرات تعصف بها رياح الصحراء

نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:21 م

ترجمة: عبد الخالق عليأرض الخيرات – ليانو ديل ريو –  التي حلم بها الاشتراكيون قبل قرن مضى لم تعد اليوم سوى تراب متطاير وسط رياح الصحراء العاتية.عند السفر شرقا في الصحراء مرورا بمدن آيلة للسقوط  ومزارع بائسة، تظهر أشباح بقايا مستوطنة الخيرات ليانو ديل ريو  في عتمة من التراب .
كل ما يمكن رؤيته من الطريق هو  مداخن حجرية وجدار مخيف ممتد . الصروح الحجرية تقسم السطوح الواطئة لمشهد  يتخلله ركام من النفايات والأعشاب والدقيق المتناثر. إن وصول السياسة والاقتصاد والتضعضع البشري هي التي سبّبت ظهور وسقوط البلدة  التي كانت تنتصب  يوما ما هنا، وأثارت الاهتمام بتأليف الكتب عنها. الدوافع السياسية هي التي كانت وراء ظهور مستوطنات الخيرات، ومن خلال انشاءها يمكن الحكم على الاوضاع في ذلك الوقت. استجابت كاليفورنيا الى فوضى فجر العصر الصناعي من خلال احتضانها  اكبر عدد من مستوطنات الخيرات في الولايات المتحدة، ومن اشهرها  ليانو ديل ريو التي كانت من بنات افكار ( جوب هاريمان ) المولود في انديانا والذي  وصل الى سان فرانسيسكو عام 1886 بصفة رجل دين و محامٍ يبحث عن أساس أخلاقي متين  ومحاولة  اجراء تغيير كبير، لكن بدلا من ذلك تحوّل إلى ثرثار عنيد يؤمن بالاشتراكية . لم يكن هاريمان صاحب نظرية وانما ناشطا  يجسّد المثالية ردا على نظام اقتصادي فوضوي تسبب في فقر معظم  سكان الولايات المتحدة . كانت رحلته الملحمية لإنشاء المستوطنة ردا على الرأسمالية الظالمة في تلك الفترة .عندما انتقل هاريمان الى الجنوب عام 1896 كان العمال الفقراء في لوس أنجلس يشعرون بالاستياء. كان صاحب صحيفة التايمز هاريسون اوتيس معاديا لحزب العمل ومتصلبا في جهوده لسحق الحركة الناشئة ويعمل وراء الكواليس لتشجيع المدينة على تمرير  قوانين تقيّد حق التجمع والاحتجاجات الشعبية، حينها  ظهر هاريمان كأفضل مدافع  عن حرية الكلام في البلاد . ردت التايمز على هاريمان من خلال توبيخ  المنظمات التي كان هاريمان يساند  حقوقها المدنية، لكنه لم يستسلم بل تنافس مرتين على منصب عمدة لوس أنجلس – 1911 و 1913.خسارته في المحاولة الأولى هي التي قادته الى تأسيس  ليانو ديل ريو . أثناء تنافسه على منصب العمدة كان يدافع – مع زميله كلارنس دارو – عن ناشطي حزب العمل المتهمين بتفجير التايمز . كان هاريمان  يعتقد ان بإمكانه ان يصنع  شيئا من لوس انجلس- كما يقول بول غرينستين المؤلف المشارك في كتاب (الخبز والسنابل: ظهور و سقوط مدينة الخيرات لوس انجلس) -  وعندما فشل ذهب الى الصحراء ليصنع شيئا هناك . قبل تنافسه على المنصب تم تهميشه دون أن يعلم ، حيث عقد زميله دارو صفقة مع اوتيس نتج عنها إيداع ناشطي حزب العمل في السجن . كانت الضربة عنيفة قضت على فرص هاريمان. بعد عامين جاء ثالثا في الانتخابات و تلاشت  طموحاته السياسية . هذه الخسائر عززت قناعاته بضرورة تغيير الطريقة التي ينظر بها الشعب الى عمله وقيمته . كان يحلم بمجتمع متعاون ومتكافل يقوم بإنشاء مستوطنات مماثلة في مختلف انحاء البلاد . يقول هاريمان في مقدمة كتاب ارنست ووستر (مجتمعات الماضي والحاضر) "يبدو لي ان الشعب لن يتخلى عن وسائل عيشه سواء أكانت جيدة ام سيئة ، رأسمالية ام غيرها، ما لم يتم تطوير وسائل أخرى تعود عليه بالفائدة". بهذه النية بدأ هاريمان بليانو ديل ريو . في اعقاب خسارته بالانتخابات عام  1913، اشترى مع مجموعة من مسانديه عشرة الاف فدان تبعد مسافة عشرة اميال عن بالمديل في قطعة خصبة من الصحراء. كان غرينستين مفتونا بقصة هاريمان/ ليانو منذ عام 1963، عندما وطأت قدماه آثار المستوطنة لأول مرة وهو في رحلة مع عائلته الى الصحراء . كان اول المستوطنين في مايس 1914 هم أعضاء رابطة الشباب الاشتراكيين ، حيث جاء مئة منهم تقريبا من كل انحاء البلاد بحثا عن فرصة لتحويل الحلم الى حقيقة. في الربيع التالي تنوع السكان و تضاعف عددهم . لم تكن بلدة النعيم مجانية، اذ كان من الضروري تمويل هذا المسعى وكان على الاعضاء ان يستثمروا قبل التحاقهم، وكان الحد الادنى للمساهمة 500 دولار يدفعها  الاعضاء على مدى ست سنوات لاحقة . بالمقابل كان العضو يحصل على 4 دولارات يوميا، يذهب  منها دولار للأسهم والباقي للنفقات اليومية من مأكل وسكن . الأموال غير المستخدمة كانت تودع لدى محاسب مؤتمن، تدفع عندما يكون هناك فائض .كانت هيئة المدراء التي يرأسها هاريمان هي التي تقود الا ان الادارة اليومية كانت بيد جمعية عامة تنامت فأصبحت تتكون من 60 لجنة كل واحدة لها إدارتها واجندتها الخاصة . كان نظاما صعبا ، ومع وجود الحماس فقد كانت الحقائق تمثل تحديات كبيرة . ما بين 1914 و 1917 ازداد عدد السكان الى 900 فرد إلا ان البناء لم يستطع مواكبة الاعداد المتزايدة، حيث وصل العديد من الاعضاء  وهم غير مهيئين للأجواء الصعبة . لكن رغم المصاعب فقد كانت ايانو ديل ريو مكانا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram