ترجمة / عادل العاملكانت الشخصيات الرئيسة في الروايتين الشهيرتين للكاتب البريطاني روديارد كيبلينغ ( 1865 ــ 1936 ) : رواية كتاب الأحراش، و رواية كيم، أطفالاً : أطفالاً أوغاداً بائسين، ضائعين في ظروف معادية ( أحراش و مدينة هندية مزدحمة ) يحاولون البقاء على قيد الحياة.
و كان الأطفال موضوعاً مهماً من بداية الأدب الروائي. و في أسبانيا، في القرنين السادس عشر و السابع عشر، كان الأطفال الأوغاد البائسون ( المتشردون ) مصدر إلهام لدى مختلف المؤلفين، ربما كان أشهرهم فرانسيسكو دي كويفيدو Quevedo ( 1580 ــ 1645 ).و تحكي " الغشّاش El Buscón " لكويفيدو عن متشرد، هو دون بابلوس. وهي قصة استرجاعية flashback، مكتوبة بضمير الشخص الأول لمقاومة شر دون بابلوس. و هو لا يندم أبداً على ماضيه السيء، و لا يفكر أبداً بإمكانية التصرف بشرف، و يؤسفه فقط أنه لم يكن ناجحاً و رغبته الوحيدة أن يعيش كواحد من المجتمع الرفيع. و على كل حال، فإن كيبلينغ يكتب عن شخصياته الرئيسة بطريقة أخلاقية و بنّاءة. و سيتعلم القاريء معها كيف يصل لأن يكون شخصاً جيداً يتغلب على مشاكل الحياة و صعوباتها و هو يحاول أن يتصرف بشرف بأحرف كبيرة، نظراً لكونه شرفاً غريزياً : فلا أحد علّمه لموغلي أو لكيم. لقد عاش فرانسيسكو دي كويفيدو في لحظة فاصلة من الزمن. فقد كانت الامبراطورية الأسبانية متدهورة، كما هي حال مجتمعها. و لم يكن مهماً أن تستمر 150 سنة أخرى، فجذورها قد تلفت بشكلٍ خطير. و الحكايات بشأن ذلك متكررة و الشخصيات الإيجابية ليست سوى ضحايا عاجزين.أما روديارد كيبلينغ، فقد عاش في لحظة مجيدة : العهد الفكتوري. أخلاق سامية، و أناس رائعون، و عالم نظيف. و قد كتب ببراعة و بسعادة، بما أنه، في الواقع، أصغر شخص سناً ينال جائزة نوبل. أجل، لقد عاش روديارد كيبلينغ في لحظة مجيدة حتى عام 1915. فخلال الحرب العالمية الأولى، قُتل ابنه جون و بعدها صارت كتاباته مختلفة تماماً : لا مزيد من الروايات الإيجابية بل و مقالات حزينة تحذّر من مخاطر المستقبل، تحذّر من النازية و من ميلاد الحرب العالمية الثانية.و توفي كيبلينغ في عام 1936، و كان قد كتب قبل ذلك بزمن طويل قصيدته " إذا If " البطولية الرائعة الشهيرة، و ربما كان بوسعه الآن أن يفهم " الغشّاش " اللابطولية الصعبة الشهيرة لكويفيدو.rnعن / Yareah
الأطفــال الأوغــاد فــي الأدب
نشر في: 2 يوليو, 2012: 06:24 م