TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أخطــــاء الأحـــــــزاب

أخطــــاء الأحـــــــزاب

نشر في: 2 يوليو, 2012: 07:28 م

علي حسين عبيد يستطيع المتابع المعنيّ أن يكتشف بسهولة، جملة من الأخطاء الجوهرية التي ارتكبتها الأحزاب السياسية في العراق، وهي تتحرك وتنشط في تأسيس وإدامة العملية السياسية منذ ما يقرب من عشر سنوات مضت، وقد أدت تلك الأخطاء - ولا تزال- إلى خلق أرضية سياسية هشة، تشبة - مجازا-
الرمال المتحركة التي يمكن أن تبتلع من يتحرك فوقها في أية لحظة، ولعل العقبة الكأداء التي لا تزال قائمة حتى الآن، تكمن في كون هذه الأحزاب منشغلة بمصالحها وصراعاتها، وغافلة أو متغافلة بصورة شبه كلية، عن النتائج الكارثية التي يمكن أن تحدث كنتيجة حتمية لإهمال البناء السليم للقاعدة المتينة التي تتحرك في إطارها السياسة الوطنية.بكلمة أوضح، لقد شاركت معظم الأحزاب السياسية في العراق بارتكاب خطأ استراتيجي، يتمثل في عدم التعاون المخلص والبنّاء بين الكتل والأحزاب والشخصيات المستقلة، لإنشاء قاعدة سياسية وطنية قوية تحتضن الحراك السياسي العراقي بكل تناقضاته الناتجة عن التنوع المجتمعي الذي يتميز به شعب العراق، وبهذا أصبحت هذه الأرضية أو القاعدة رهنا بالحسابات الإقليمية والدولية في كثير من الأحيان، لهذا نلاحظ ضعف أو غياب القرار السياسي الوطني المستقل في كثير من الحالات، خاصة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة العراقية قبل سنوات أو غيرها من المواقف الحرجة، ناهيك عن الصراعات والتوافقات التي طُبعتْ غالبا بتدخل دول الجوار أو التدخل الأمريكي، من أجل تحقيق صيغ متوازنة تحاول أن تحد من حالات الانهيار التي قد تتعرض لها العملية السياسية في أية لحظة.لذلك كان على الأحزاب العراقية منذ البداية أن تعي أهمية الاستقلال السياسي، وأن تتعاون جميعا في ما بينها بغض النظر عن الاختلافات في الآراء أو المسارات أو الرؤى، لبناء القاعدة الأساسية الوطنية المتينة التي تتحرك فيها جميع الأنشطة السياسية، تلاقيا أو تباعدا، لكي يبقى القرار السياسي عراقيا خالصا، أما الصورة الآن فهي تبدو هشة تماما، ولو لا الموازنات التي تصنعها الدول الإقليمية لمعالجة الوضع السياسي في العراق، لانهارت العملية السياسية منذ وقت ليس بالقريب، لأن الصراعات التي جرت ولا تزال جارية بين السياسيين العراقيين، تؤكد أنهم لم يعطوا الأهمية اللازمة للقرار السياسي الوطني المستقل، ولم يشغلوا أنفسهم بالبناء الصحيح للتحرك السياسي، والسبب كما هو معروف، الانشغال بالمنافع الآنية كالمناصب والأموال والجاه وما إلى ذلك، في حين تتخلى الأحزاب ومعظم السياسيين المشتغلين في الحقل السياسي عن المهمة الأولى التي تقع على عاتقهم، وهي صيانة القرار السياسي المستقل من خلال دعم استقلالية العراق، بغض النظر عن الاختلافات التي تحصل بين الكتل والأحزاب وسواها، وهي التي تمثل ظاهرة صحية تؤكد النهج الديمقراطي، طالما بقيت معالجات الاختلاف تتحرك في الإطار السلمي.فهل فات الأوان الآن، أم لا تزال هناك فرص للأحزاب كي تتحرك بالاتجاه المطلوب؟ وقبل الإجابة لابد أن نؤكد  أن الوقائع السياسية الساخنة التي تحدث حاليا على الأرض، تشي بدلائل ومظاهر تنطوي على خطورة واضحة، فقد تصاعدت وتيرة الصراع بين الكتل الرئيسة في العملية السياسية، وهو حراك غاية في الأهمية والصحة، لو أنه يحدث على أرض سياسية عراقية قوية ومستقلة، لكننا يمكن أن نلاحظ بوضوح تشتت القوى السياسية وارتباطاتها بهذه الدولة الإقليمية أو تلك، حيث تتطلع لدعمها وإسنادها على حساب الطرف الآخر، وهكذا يبدو هامش الاستقلال السياسي الحزبي ضئيلا إن لم يكن منعدما تماما، ولغرض تلافي هذه الحالة السياسية المرضية الخطرة، إذ لم يفت أوان التصحيح، يمكن للأحزاب العراقية الوطنية أن تقوم بما يأتي:- توسيع المشاركة الشعبية وإعطاء الجماهير دورها وفرصتها الحقيقية في صنع الاحداث.- تقوية البنى الأساسية للأحزاب، وترك التجمعات الصغيرة ذات الطابع المنفعي السريع.- التشجيع على المشاركة السياسية وتوسيعها.- الابتعاد عن التشنج والتطرف والاستخدام الخاطئ للتصريحات والإعلام معا.- مد جسور الثقة المتبادلة بين جميع الأحزاب، والإيمان القطعي بأن استقلال العراق هو الهدف الأعظم.-أن تتنبّه جميع القوى السياسية إلى أهمية صنع الأرضية السياسية الوطنية المستقلة، والإيمان بأنها الحل الوحيد الضامن لعدم انهيار العملية السياسية برمتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram