عامر القيسيفي الزمن الصدّامي البغيض نشرت مجلة ألف باء كاريكا تيراً لشخصين ، يسأل الأول صاحبه : ما الفرق بين المصيبة والكارثة ؟ أجابه رفيقه : المصيبة أن تحدث لك مشكلة ما والكارثة أن تصل إلى مركز شرطة!
والدلالة لاتحتاج إلى شرح أو تفسير ، فالدخول إلى مراكز الشرطة في زمن صدام كارثة حقيقية ، رغم أن بعض الخبثاء يقولون إن العقلية السابقة مازالت حاضرة في مراكز شرطة العهد الجديد والعهدة عليهم !واليوم نريد أن نميز بين المشكلة والأزمة وهذا من حقنا طبعا في العراق الديمقراطي ... فالسيد إبراهيم الجعفري قال في مؤتمر صحفي سابق إن العراق لم يصل بعد إلى مرحلة الأزمة ، وقال رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ، في أحدث تصريح له ، إن الوضع في العراق ليس أزمة وإنما مشكلة وقد تجاوز العراق الكثير من المشاكل في بناء عمليته السياسية !وأتساءل مع الكثير من الناس : إلى أي حد ينبغي أن يصل إليه الوضع في العراق ليقتنع كبار المسؤولين أننا في أزمة ؟ هل كانت أحداث 2005-2007 أزمة أم مشكلة ؟ هل تعطل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد أزمة أم مشكلة ؟ هل ترتيب العراق على رأس دول الفساد المالي مشكلة لا تعبر الحدود إلى دائرة الأزمة ؟ هل حدوث 14 تفجيرا في يوم واحد في سبع محافظات أزمة أمنية أم مشكلة أمنية ، رغم أن السادة في القيادات الأمنية قالوا عن تلك التفجيرات بأنها لاتشكل خرقا أمنيا وهم الأعرف ببواطن الأمور ؟ هل دعوات الأقاليم في أكثر من محافظة مشكلة أم أزمة سياسية حقيقية بين الحكومة الاتحادية وحكومات المحافظات ؟ هل تعطيل التصويت على قوانين مهمة لها علاقة مباشرة بحياة ملايين الناس وبتطور العملية السياسية لعبة من لعب الديمقراطية أم أزمة في تناقضات توجهات القوى السياسية المتنفذة لمستقبل العراق ؟هل وجود ملايين الأرامل واليتامى لاعلاقة له لا بالأزمة ولا بالمشكلة وإنما هي أحد ترحيلات الماضي إلى الحاضر ؟ هل الوضع الكهربائي بالنسبة للمواطن مشكلة أم أزمة تناولت كل تفاصيل حياته ، رغم أن الكثير من الخبثاء أيضا والمعادين للعملية السياسية يقولون إنها لامشكلة ولا أزمة ولا هم يحزنون لأن أحداً لايراها في المنطقة الخضراء وإنما يتماهون مع رأي السيد الشهرستاني من أننا سنصدّر الزيادة فيها إلى دول الجوار قريبا إن شاء الله ؟ هل يعتقد السيدان المالكي والجعفري أن الاختفاء التدريجي للحصة التموينية البائسة أساسا مشكلة أم أزمة ؟ هل ارتفاع مستويات الجريمة والطلاق والتسرب من المدارس والبطالة وتقييد الحريات الشخصية والإعلامية وانتهاكات حقوق الإنسان في خانة المشاكل التي لا ترتفع إلى مستويات الأزمة ؟ هل صرف خمسة ملايين دولار من حقوق الناس على احتفالية صدّامية لنقابة الصحفيين ومنع عشرة ملايين عن مفوضية الانتخابات لإجراء انتخابات مجالس المحافظات أزمة أم مشكلة سياسية وأخلاقية معا ؟سنقتنع أن هذه الأسئلة وغيرها الكثير جدا أسئلة خبيثة وغير منطقية ومبالغ فيها ومعادية للحكومة ، لكننا في المقابل نريد من السيدين الجعفري والمالكي أن يعرّفا لنا الأزمة والمشكلة لكي نستطيع أن نفهم حقيقة ما يجري حولنا وبنا ونتوقف عن طرح الأسئلة الخبيثة ونتعلم من سادة القوم أن كل ما يجري في البلاد مشكلة بسيطة لاغير .
كتابة على الحيطان: المشكلة والأزمة وما بينهما !
نشر في: 2 يوليو, 2012: 08:19 م