TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: .. منذ أيام المعري

أحاديث شفوية: .. منذ أيام المعري

نشر في: 3 يوليو, 2012: 07:20 م

 احمد المهنارأى المعري السلطة في زمنه مطمعا احاديا للساسة. وأن الناس أسلحة عمياء تستخدم للاستحواذ على السلطة. هذا يريد اقناعهم بهذه الفكرة وآخر يريد اقناعهم بفكرة أخرى. وهذه الفكرة وتلك انماهي وسيلة لكسب المحاربين والمحازبين من أجل الاستيلاء على السلطة لا غير.
 لقد حكم على كل المذاهب في عصره بهذه النظرة:"انما هذه المذاهب أسباب لجذب الدنيا الى الرؤساء – غرض القوم متعة لا يرقون لدمع الشماء والخنساء". كل شيء من أجل السلطة، ومن أجل الاستمتاع بعوائدها. وهم من القسوة بحيث لا تهزهم دموع سيدة جليلة ولا أخرى جميلة. والجمهور في هذه الحالة مجرد سلاح بيد الرئيس، يرفعه من أجل الذود عن سلطانه. الجمهور كتلة وقوة غائبة عن الوعي. الفهم أو المعرفة ليس موضوعها. ان موضوعها هو التحزب، هو الموالاة أو المعارضة.والذي يريد أن يفهم.. ماذا يفعل يا ابا العلاء؟ الابتعاد عن التيارات المتصارعة على السلطة، وعن جماهيرها، لأن الباحث عن الحقيقة ثقيل على جماهير وقادة هذه "الحلبة". يقول: "فانفرد ما استطعت فالقائل الصادق يضحي ثقلا على الجلساء".لقد اشتغل "العقل السياسي العربي" طوال التاريخ خارج "الديمقراطية". فمبدأ الشورى الذي ورد مطلقاغير مقيد في الكتاب العزيز لم ير النور في عمليات تداول السلطة بين الخلفاء الراشدين. ومن بعدهم عادى الخلفاء علوم السياسة أكبر عداء، فمنعوا ترجمة الفكر السياسي اليوناني، لكي لا تسلط الأنوار على طغيانهم. ولكن المعري استثناء عجيب في كل شيء. فقد اخترقت بصيرته آفاق زمانه، ورأى وجوب أن يكون الحاكم خادما وأجيرا عند الأمة:" ظلموا الرعية واستجازوا كيدها – وعدوا مصالحها وهم اجراؤها".أجراء عند الشعب من أجل ماذا؟ من أجل تحقيق مصالح الشعب. ومصالح الشعب هي الخير العام. والسياسة، بالتعريف،هي صناعة الخير العام. وما هو هذا الخير العام؟ هل له تعريف محلي أم عالمي؟ هل يختلف من شعب لآخر أم هو واحد عند الجميع؟ ان المواد الثلاثين للاعلان العالمي لحقوق الانسان وضعت تعريفا يكاد أن يكون جامعا مانعا للخير العام. ويمكن ايجازه بكلمة: الكرامة. كرامة المواطن في كل بلد. وهي أن يكون حرا في تقرير مصيره الشخصي، مساويا لغيره أمام القانون، وكريما في ظروف عمله من أجل تأمين لقمة العيش.ولكن "العمل السياسي" في التاريخ، أي في الحقيقة والواقع، لا يسير بهذا الانسجام. انما هو صراع بين مصالح جماعات متنازعة من جهة، وبين "الخير العام" من جهة أخرى. أو بين مصالح قلة من أصحاب السلطان من جهة، وبين مصالح أغلبية الشعب من جهة أخرى. وكلما مالت الكفة لمصلحة "الخير العام" تقدمت حقوق الإنسان، وارتقت السياسة. وهناك مراحل تكون وجهة الصراع فيها واحدة، فينحصر الصراع فيها بين " الجماعات المتنازعة" وحدها دون أن يكون "الخير العام" طرفا فيها. وقد تدعي هذه الجماعات تمثيل طبقة أو أمة أو طائفة، بينما هي في الواقع لا تمثل الا نفسها. وعندها تكون تلك الإدعاءات مجرد "أسباب لجذب الدنيا الى الرؤساء". ولطالما كانت هذه هي وجهة الصراعات السياسية في بلداننا. وهي عندما تنشب هذه الأيام تكون أشد وحشة وفاقة وقسوة مما كانت عليه في عصر أبي العلاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram