عدنان حسينبدو من الطراز الأول.. بدو بامتياز، هؤلاء هم أعيان الطبقة السياسية المتنفذة في البلاد، ومعهم بالطبع من يُحيط بهم من مساعدين ومستشارين... لا يختلفون أبداً عن البدو الرحل المنقطعين عن الحضارة في نمط تفكيرهم الذي تعكسه تصرفاتهم وتصريحاتهم، وبخاصة في الفترة الأخيرة حيث بلغ الصراع في ما بينهم أشده.
يتشاتمون ويتعايرون ويتناشرون الغسيل القذر ويطعن بعضهم بعضاً، ولا يُظهرون أي اشارة للقبول بالنقد والنصيحة، ولا للتنازل والتراجع ولقاء الخصوم والمنافسين عند منتصف الطريق.. تماماً على طريقة البدو.رئيس الوزراء ومساعدوه ومستشاروه يستفزهم أيما استفزاز أي كلام عن سحب الثقة، كما لو كانت الفكرة مهينة وحاطّة من الكرامة الشخصية قبل السياسية، مع ان سحب الثقة من الحكومة ورئيسها، فضلاً عن الحديث فيه والتهديد به، ممارسة ديمقراطية أصيلة وتقليد في السياسة صار عمره مئات السنين، وفي بعض الأحيان يبادر رئيس الحكومة من تلقاء نفسه بالاستقالة لحل مشكلة قائمة أو أزمة مزمنة.وفي المقابل فان خصوم رئيس الوزراء ومنافسيه يُظهرون في فزعاتهم المضادة ما يوازي ذلك من التصرفات على الطريقة البدوية.. سحب الثقة والا فلا! كما لو ان عدم سحب الثقة سيؤدي الى تنكيس العُقل (جمع عِقال) وحلق اللحى والشوارب!على طريقة البدو راح كل فريق يلجأ الى عشيرته والعشائر المجاورة وأبناء طائفته محفزاً فيهم أسوأ النوازع المتعارضة مع الوطنية التي لا تملّ ألسنتهم من لوكها (بعض النواب تذكّر في الايام الأخيرة الناخبين في محافظته فطاف في بعض بلداتهم وقراهم، لأول مرة منذ انتخابه عضواً في مجلس النواب، ليؤلب الناس ليس ضد الخصوم والمنافسين السياسيين وانما ضد قومية بعينها وطائفة بذاتها)، وعبرت الفزعات الحدود الى الامتدادات الطائفية في الإقليم.الدستور الذي اعتمده العراقيون وصوّتوا له بأغلبيتهم هو، من غير شك أو لبس، لدولة ديمقراطية، أي مدنية.. أعيان الطبقة السياسية المتنفذة تحايلوا على هذا الدستور وعلى الناس أجمعين، وأقاموا لهم نظام حكم غير دستوري برّروه بـ"التوافق الوطني". وفي إطار هذا التوافق، الحزبي – الشخصي النفعي في الواقع، تصرّفوا على نحو همجي في خطابهم. ولا علاقة بين الهمجية والمدنية، مثلما لا علاقة بين المدنية وربطة العنق وحلاقة اللحى اللتين أقبل عليهما اقبالاً منقطع النظير من كان الى وقت قريب - قبل أن يتربع على كرسي السلطة ويتنعم بنعيمها – في طلاق بائن وحرمة قطعية معهما.الدولة المدنية التي وضع دستور 2005 قاعدتها لا تُبنى بهذا السلوك البدوي المتخلف الذي يُعرض على مدار الساعة على مسرحنا السياسي. بل لا تُبنى في البلاد دولة ديمقراطية، مدنية بالضرورة، بهذه الطبقة السياسية غير الديمقراطية.. غير المدنية بالضرورة، وإن لبست أأنق أربطة العنق وحلقت اللحى بالمكائن الليزرية.
شناشيل: البدو المتحكمون بنا
نشر في: 3 يوليو, 2012: 07:40 م