اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الحكومة الائتلافية والحلول الوسط

الحكومة الائتلافية والحلول الوسط

نشر في: 3 يوليو, 2012: 08:04 م

حسين عبد الرازقعاد الحديث مرة أخرى عن ضرورة تشكيل «حكومة ائتلافية» بعد فوز «د. محمد مرسي» مرشح حزب الحرية والعدالة بمنصب رئيس الجمهورية، وكان قد سبق طرح نفس الدعوة عقب انتخابات مجلس الشعب في مطلع العام الحالي وحصول «حزب الحرية والعدالة» على الأكثرية وحصوله مع حزب النور والأحزاب المنتمية لتيار الإسلام السياسي على الأغلبية،
 فقد أعلن المهندس خيرت الشاطر في 8 فبراير 2012 في حديث لقناة الجزيرة عزم جماعة الإخوان المسلمين تشكيل حكومة ائتلافية «مبنية على الأوزان الانتخابية النسبية للقوى السياسية المختلفة»، ولم يستطع الإخوان وحزب الحرية والعدالة تنفيذ دعوتهم حيث لم يكن من سلطة مجلس الشعب طبقا للإعلان الدستوري القائم (إعلان 30 مارس 2011) سحب الثقة من الحكومة القائمة «حكومة د. كمال الجنزوري» أو تعيين رئيس الوزراء والوزراء حيث أعطى الإعلان الدستوري المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية بعد انتخابه هذه السلطة، ولم يقدر لمجلس الشعب الاستمرار في الوجود فأدى حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مواد في قانون انتخابات مجلسي الشعب والشورى وبطلان مجلس الشعب الذي انتخب على أساس هذا القانون إلى حل المجلس.ومع انتخاب د. مرسي لرئاسة الجمهورية تجدد الحديث عن الحكومة الائتلافية وتركز الحديث على توزيع المناصب والوزارات وعن النسبة التي سيحصل عليها حزبا الأغلبية «الحرية والعدالة والنور»، وهو أمر يعكس عدم فهم لدور مغزى وأسباب تشكيل الحكومات الائتلافية.فالأصل أن يشكل الحزب الحاصل على الأغلبية في البرلمان الحكومة منفردا، وفي البلاد التي يطبق فيها نظام مختلط للحكم مثل فرنسا يشكل أيضا الحزب الحائز على الأغلبية الحكومة حتى ولو كان الرئيس من حزب آخر، وفي حالة عدم فوز حزب بالأغلبية التي تمكنه من تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان يلجأ الحزب الحاصل على الأكثرية للتحالف مع حزب أو أكثر وتشكيل حكومة ائتلافية لضمان تأييد البرلمان للحكومة ومنحها الثقة.وتشيع الحكومات الائتلافية في الدول التي تأخذ بنظام القوائم والتمثيل النسبي، وهو النظام السائد في دول أوروبا مثل ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسومبرج والدول الاسكندنافية، وكذلك في دول أخرى مثل تركيا والمغرب وإسرائيل، وتعتبر الحكومة الائتلافية هي القاعدة في ألمانيا علي سبيل المثال، فيندر أن يفوز أي من الأحزاب الثلاثة الرئيسية فيها بأغلبية مقاعد البرلمان، لذلك يلجأ الحزب الحاصل على الأكثرية للائتلاف مع واحد على الأقل من الأحزاب الصغيرة لضمان الأغلبية في البرلمان واستقرار الحكومة.وللوصول إلى حكومة ائتلافية يطرح الحزب الراغب في تشكيلها برنامج الحكومة - وهو ليس بالضرورة البرنامج الانتخابي لهذا الحزب وإنما برنامج معدل - ومن يقبل من الأحزاب المدعوة للدخول في الحكومة الائتلافية هذا البرنامج ينضم للحكومة، ويستغرق وضع هذا البرنامج وتعديله جلسات طويلة من المباحثات بين الأحزاب المدعوة للمشاركة في الحكومة، ثم تبدأ المفاوضات حول توزيع الوزارات ونصيب كل حزب من الأحزاب التي قررت المشاركة على ضوء برنامج الحكومة.والأمر في مصر وفي ظل الرئيس د. محمد مرسي لا يسير على هذا النحو.فلا يوجد مجلس شعب يمكن على أساسه تحديد الثقل النسبي للأحزاب المشاركة في الحكومة، ولا يمكن القياس على مجلس الشعب المنحل ،فالانتخابات القادمة يمكن أن تغير تركيبة المجلس والثقل النسبي للأحزاب داخله، ولا يمكن تصور حكومة ائتلافية تضم كل الأحزاب الممثلة في البرلمان السابق (23 حزبا) أو القادم.وحتى الآن لم نسمع كلمة واحدة حول برنامج الحكومة المزمع تشكيلها، فهل سيكون هو برنامج الرئيس «رئيس الجمهورية» وهو برنامج مرفوض من الأحزاب الليبرالية واليسارية والقومية وعديد من الشخصيات التي تريد مصر «دولة مدنية ديمقراطية حديثة» وترفض الدولة الدينية أو شبه الدينية وخلط الدين بالسياسة؟!.. أم ستتم صياغة برنامج يتفق عليه من الأحزاب التي ستدعى للمشاركة، يركز على المشترك بين هذه الأحزاب وفي هذه الحالة ،فالبرنامج لابد أن يسبق أي حديث عن توزيع الوزارات والمناصب، باختصار هل الحكومة الائتلافية هي ائتلاف بين الأحزاب المنتمية لتيار الإسلام السياسي فقط والقابلة لبرنامج الحرية والعدالة، أم حكومة ائتلافية بين تيارات سياسية وفكرية مختلفة، تجمع مع تيار الإسلام السياسي التيار الليبرالي واليساري والقومي؟، وفي هذه الحالة الأخيرة فإن صياغة برنامج مشترك لحكومة ائتلافية من هذا النوع يحتاج إلى جهد ووقت وقدرة على الحلول الوسط والتنازلات المتبادلة، وهو أمر لا تبدو الأحزاب والقوى السياسية خاصة قوى الإسلام السياسي قادرة عليه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram