TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :مستقبل المالكي

العمود الثامن :مستقبل المالكي

نشر في: 4 يوليو, 2012: 06:37 م

 علي حسين في كل مرة يتحدث السيد نوري المالكي أو يتخذ موقفاً اجده يرتكب مزيدا من الأخطاء، ويضيف إلى رصيده مزيدا من الخصوم .. وكنت قد كتبت في هذا المكان قبل أشهر أطالب رئيس الوزراء بان يختار مستشارين ثقاة وذوي خبرة ودراية يرافقونه باستمرار كي يشيروا عليه بما يقال وبما لا يقال، والأهم كيف يمكن أن تقال الأشياء،
لا يريد المالكي أن يعرف أن كثيرين كانوا يأخذون من قبل أحاديثه مأخذ الجد، حتى خصومه، لكن بعد الأداء السيئ للحكومة وسيل الأزمات التي يتم افتعالها بين الحين والآخر، والتي هدفها إشغال الناس وصرفهم عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، فان الكثير من مؤيديه انصرفوا عنه. غالبية العراقيين متأكدون أن المالكي اخفق في معالجة الكثير من الملفات، وان الشعارات التي رفعها في الانتخابات الأخيرة لم تترجم عمليا عبر حكومة مؤسسات تحارب الفساد والطائفية والمحسوبية، بل انها عمقت الفساد وشرعته وسعت إلى إثارة النعرات الطائفية وفشلت في تقديم ابسط الخدمات، وإنها أي الحكومة تحولت من حكومة شراكة وطنية إلى حكومة هواجس وأوهام بان هناك مؤامرة كونية تستهدف شخص رئيس الوزراء باعتباره المنقذ الذي سينتشل العراقيين من التردي والضياع. وقد لا يدرى المالكي أن مجمل تصرفاته وألاعيب مقربيه منذ ولايته الثانية قد خصمت كثيرا من المكاسب التي حصل عليها في ولايته الأولى، فقد بدا الرجل عام 2006 جادا وربما استطاع حشد كثيرين خلفه .. ورغم ان كثيرا من خصومه ركزوا على جوانب غامضة في شخصيته وتصرفاته، الا ان أداءه السياسي منحه الكثير من الاصوات فيما بعد، ولكنه في السنوات الاخيرة تعامل بعشوائية مع ملفات خطيرة ومهمة، وتحرك بلا أي إستراتيجية أو منطق وبلغت به قلة الحيلة أنه صار يخترع للناس كل يوم عدوا جديدا كي يلهيهم عن العدو الحقيقي، وصارت معظم تصريحاته تثير المشاكل والأخطر غضب الناس . ووجدناه بدلا من ان يدحر العشوائية والبطالة والفساد، خرج على الناس ليقول انه وحزبه استطاعوا ان يدحروا العلمانيين و الحداثويين والماركسيين، وبدلا من ان يشيع ثقافة التسامح والتعايش بين مكونات المجتمع وجدناه كل يوم يصر على التعريض بالآخرين وتسفيههم واعتبارهم خارجين على القانون، ما لم يدخلوا إلى حضيرته، وبدلا من خطاب يرسخ لقيم دولة المواطنة وجدنا المالكي وحوارييه يشنون كل يوم غزوة جديدة ضد دعاة الدولة المدنية باعتبارهم كفارا ولا مكان لهم في دولة التقوى والإيمان التي يسعى المالكي ومقربوه لإقامتها. اعتقد ان كثيرين سعوا إلى نصحه بالتوقف عن السير في طريق العناد.. وكتب الكثير عن ضرورة أن يفهم رئيس الوزراء ان بتصرفاته هذه إنما يحرق مستقبل البلاد،  وفي كل مرة يعتقد البعض ان المالكي سيغير طريقته في الحكم .. لكن دعواته الأخيرة الى ملاحقة النواب الذين وقعوا على عريضة سحب الثقة تعني أن الرجل مصر على قطع أشواط جديدة في طريق اللاعودة.اليوم البلاد تمر بأزمة سياسية عاصفة وأمام المالكي طريقان: الأول ان يستمر في طريقه الحالي وفي هذه الحالة عليه ان يتحمل كل النتائج، والطريق الثاني ان يؤمن ان البلاد ملك لجميع العراقيين، وان السياسة لا تعني اقصاء الآخر بقدر ما تعني التنافس لخدمة الناس.طالما دخل المالكي معترك الحكم فعليه أن يقبل بقواعد اللعبة السياسية، لا يمكن له أن يصدع رؤوسنا بالحديث عن الدستور ومرجعيته وينشد القصائد والأغاني في مديحه، لكنه في الوقت نفسه يرفض الانصياع إلى بعض فقراته.. عندما يصر هو مقربوه الى قول نعم للدستور ثم يكفرون بالمادة 64 منه والتي تجيز سحب الثقة من رئيس الوزراء باغلبية اعضاء البرلمان.اليوم تدرك الناس ان البعض يريد حريقاً مدمراً كي يقدموا لنا بطلاً في دور رجل اطفاء ناسين انهم سيجلسون فوق انقاض وطن محترق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram