TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس :طـاولـة قمـار

قرطاس :طـاولـة قمـار

نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:27 م

 أحمد عبد الحسين الأزمة السياسيّة خانقة، ومع اشتدادها يضيق الخناق على المواطن الذي لم يعد لديه شغل سوى متابعة أخبار صراع الديكة في حلبةٍ كثر فيها الكذبُ وسوء الأخلاق والتهديد بتحميل الناس عواقب خلافات الساسة الأزلية، ففريق الحكومة ورئيسها يصرخ ليل نهار: إذا وقع المالكيّ لن نضمن لكم عراقاً موحداً
 ولن نكون مسؤولين عن احتراب أهليّ محتمل، وفريق سحب الثقة يهمس يائساً: إذا بقي المالكيّ فللعراق الويل والثبور، ونحن في الحالتين لا ينتظرنا من هؤلاء وأولئك إلا الشرّ، شجرة الشوك لا تثمر تفاحاً، والسياسيّ البطين النَهِم فاغر الفم للمال الحرام لا ينتج خيراً لشعبه أبداً.الأزمة خانقة، لكنّ ما هو أسوأ من الأزمة هو أن يصار إلى حلّها بالترقيع، بالتراضي، بتبويس اللحى وبما يسمونه "توافقاً" وهو في الحقيقة صفقة يشترك فيها ساسة مرتشون اعتادوا أن يتعاطوا في ما بينهم بأخلاق لصوص محترفين فيقسمون الحصص بينهم وينسون خلافاتهم التي أظهرتهم لنا قبل أيام كأعداء مستعدين للتذابح.في مغارة علي بابا، أي في المنطقة الخضراء، أناس يلعبون لعبة مسليّة "مسليّة لهم طبعاً" لأن عواقبها المحتملة لن تعود بالضرر عليهم، ثمة شعبٌ غافل صدّقهم وآمن بهم وباكسسواراتهم الدينية هو من يدفع الثمن دوماً، وما يسمونه "طاولة حوار" أراه أقرب إلى "طاولة قمار" لا يخسر عليها الساسة اللصوص شيئاً من رؤوس أموالهم بل الخاسر الأوحد الشعب الذي يتقاتل أبناؤه وتزداد العداوة والبغضاء بينهم تبعاً لاشتداد حرارة اللعب على طاولة القمار.المقامرون سكارى منتشون بأموالهم وقوّتهم ونحن ـ المتحلقين حول الطاولة ـ جعلنا من أنفسنا سقط متاعٍ بتصديقنا أنهم يتحاورون وأنهم يأبهون لنا وأنّ فيهم بقايا إنسانية وضمير ووجدان، وأن التفاهة لم تأكل أرواح هؤلاء الساسة بعدُ.الآن نريدهم أن يتذابحوا فعلاً، لمرة وحيدة،نريد من الخاسر على طاولة قمارهم أن يدفع هو ثمن خسارته لا نحن، نريده أن يسقط من كرسيّه ونضحك عليه كما يضحك عليه أقرانه من المقامرين الآخرين، نريد أن نشاهد سياسيّاً يخسر شيئاً من قوّته حين يخسر، ويدفع من سلطانه حين يغلبه الآخرون، باختصار نريد أن نرى سياسياً خاسراً، فليس من العدل أن يدفع العراقيّ دائماً ثمن خسارة الخاسر على طاولة القمار، ولا يكسب شيئاً من مكاسب الرابح.ومن المضحك المبكيّ أن نواباً لدولة القانون قالوا أمس إن طلب سحب الثقة عن المالكيّ عطّل الخدمات التي كنا نريد تقديمها للمواطنين. أي أننا علينا أن نصدّق بأن الأيام القليلة الماضية التي شغلنا فيها بمحاولات إسقاط رئيسهم هي التي جعلتنا بلا خدمات.ما أوقحهم، هؤلاء السكارى الجالسون أبداً في كراسيّهم إلى طاولة القمار، وما أجهلنا نحن الذين نصدّق دائماً كلام السكارى المقامرين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram