TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل القانون فوق الجميع حقّاً؟

هل القانون فوق الجميع حقّاً؟

نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:28 م

باسم محمد حبيب في الدول المتقدمة أصبح القانون أخيراً فوق الجميع بحيث يتساوى الجميع في خضوعهم له ووقوعهم تحت طائله دون أي حسبان لمكانتهم ونفوذهم ويشمل هذا الأمر أيضا طائفة عريضة من الدول الأقل تقدما بما في ذلك بشكل خاص غالبية الدول النامية.
وبالطبع ليس معنى ذلك أن الدول الأخرى التي مازال القانون يواجه فيها تحديات دينية واجتماعية واقتصادية تتعاطى مع القانون بوتيرة واحدة،فكثير منها يعترف بعلوية القانون ولكن مع وجود صعوبات في التطبيق،إذ  المشكلة في تلك الدول التي مازالت تنظر إلى القانون من منظار مصالح طبقاتها المتنفذة سواء اعترفت بعلوية القانون أم لم تعترف،وهذه الدول ليس بالإمكان ضمّها إلى العالم المعاصر لأنها مازالت تعيش أجواء العصور البالية بكل ما تحمله من جهل وتخلف .لقد وضعت الدولة العراقية منذ عشرينات القرن الماضي قاعدة (القانون فوق الجميع) وعملت على تطبيقها جهد الإمكان لكنها عمليا لم تستطع تطبيقها إلا على البسطاء من أبناء الشعب،إذ بقي الشيوخ ورجال الدين والسياسيون غالبا بمنأى عن الخضوع لهذه القاعدة ونفس الشيء يصح بالنسبة لعهد النظام السابق الذي نظر إلى القانون على انه مجرد أداة لدعم توجهات السلطة التنفيذية،فكان القانون يطبق على البعض دون البعض الآخر .  أما الآن وبعد أن أصبح للسلطة القضائية دورها المستقل وصلاحياتها الخاصة وفق ما حدده الدستور فقد أصبح لزاما تطبيق هذه القاعدة حتى يتطابق الفعل مع القول ويغدو الجميع خاضعين لولاية القضاء وسلطة القانون.وعلى الرغم من الصلاحيات التي حددها الدستور للسلطة القضائية والاعتراف بعلوية القانون وخضوع الجميع له إلا أن هناك جملة من الصعوبات التي قد تواجه تطبيق هذا الأمر إن لم تعيقه تماما، فرجال الدين مازال ينظر لهم على أنهم رموز لا يمكن للقانون أن يطولهم ولو فعلوا الأفاعيل،ويبدو أن للانقسام الطائفي دوراً في هذا الأمر مثلما له دور في تجنيب الكثير من السياسيين الخاطئين الخضوع للمساءلة القانونية إلى جانب المحاصصة السياسية ونفس الشيء يصح في ما يتعلق بشيوخ العشائر والوجهاء وغيرهم إذ لا يمكن للقانون أن يطولهم بنفس الكيفية التي يطول بها الآخرين.إذاً القانون في العراق ليس فوق الجميع وإن تم النص على ذلك في الدستور، فهو عمليا فوق البسطاء من الناس وتحت المتنفذين منهم،هؤلاء الذين يملكون الكثير من الأوراق التي يمكنهم بها التحايل على القانون أو التخلص منه بشكل أو بآخر،على أننا لا ندّعي أن ليست هناك جهود حثيثة لفرض القانون على الجميع لكن هذه الجهود تبقى في طور المحاولة إلى أن يسود القانون الجميع بشكل فعليّ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram