ابتسام يوسف الطاهر "أعجب لامرىء لا يجد القوت في بيته ولا يخرج شاهراً سيفه على الناس" لم يقل الغفاري قولته الخالدة، للتحريض على العنف أو القتل، بل قالها احتجاجاً على بقاء الفوارق الطبقية بالرغم من العدل الذي دعا إليه الإسلام والتضحيات التي قدمها أتباع تلك الدعوة حينه! قالها رفضا لوجود متخمين لا يعلمون وغير مبالين بأخوتهم في الدين والإنسانية التي يتضورون إملاقاً، لكن عزة النفس وكرامتهم تمنعهم من الإعلان عن حالهم..
كانت دعوة للتنبيه أن المطالبة بحقوقهم لضمان كرامتهم هو الجهاد، ومراعاة حقوقهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم من مهام الوالي أو الحاكم أو الوزير وغيره من ولاة الشأن.اليوم أعجب للعراقي الذي تحرقه الشمس نهارا وليس هناك من يستفد من تطور وسائل توفير الكهرباء التي وصلها العالم الذي لم يتمتع بشمسنا مع ذلك استغنى عن المحطات العملاقة ومشاكل الوقود وما تسببه من تلوث للبيئة وصحة الإنسان وجعل الشمس توفر له الكهرباء ليلا ونهارا. نفطنا يحترق ويذهب الغاز هباءً منثوراً ليزيد من مشاكل البيئة من الدخان والنار التي تطلقها المصافي ولا يستفاد من ذلك الغاز لتوفير وقود يعاني الناس شحته منذ عقود.. لا نفطنا بقادر على توفير ما وفره للمستهلك الأجنبي، ولا شمسنا الحارقة استطاعت أن تحرق قلوب المسؤولين وتصحّي ضمائرهم ليعملوا بجد من أجل توفير تلك الخدمات كجديتهم بتخصيص الملايين رواتب للنوام،عفوا النواب! بل اكتفى المواطن بضرباتها وجفاف بشرتهم. ولا يخرج على الناس شاهرا رفضه واحتجاجه والمطالبة بحقوقه!منذ عقود والمشكلة ذاتها كما هو حال دوائرنا التي مازالت تعمل بالسياقات العثمانية! مازلنا نعاني ضوضاء موزعي الغاز بمنبهات سياراتهم وضجيجها. عشرات الموزعين يمرون يوميا وأنت وحظك أن تحظى بمن يعمل بضمير ولا يغشك بقنينة فارغة أو يستغل حاجتك للغاز ليجبرك على أن تدفع الأموال الطائلة مقابل تبديل القنينة الإيرانية بأخرى عراقية، حتى لو أن هذه التي ادّعوا أنها إيرانية مكتوب عليها غاز العراق! كما حصل معي القناني التي أجبرت على دفع مبالغ طائلة قياسا بأسعار القناني الغازية، من اجل تبديلها بعراقية التي حين فرغت بعد اقل من أسبوع! وحان وقت تبديلها فوجئت بكل الموزعين يرفضون تبديلها لأنها إيرانية! مستغلين عدم خبرتي وسوء حظي لأن الأمر حظ يانصيب! اتصلت بتلفون الشكاوى حول هذا الموضوع لأعرف كيف أميز بين القنينة الإيرانية والأخرى العراقية وجدت أنهم هم أيضا لا يعرفون! لأكتشف أن المشكلة شبه وهمية لاستغلال المواطن وإجباره على دفع مبالغ إضافية،بمعنى آخر سرقة مبطنة.اقترحت على المسؤولين بعد اتصالات عديدة أن يصدروا تعليمات لاستبدال القناني ووضع علامة على القناني الإيرانية لتمييزها والتوقف عن استعمالها لحين وصول تعليمات من مجلس الوزراء الذي قيل انه يدرس هذه المشكلة! مشكلة الغاز اليوم لا تختلف عن المشاكل الخدمية الأخرى التي تستغل من قبل فئة من الناس، فبعد سقوط النظام السابق استغلت من قبل فئة (طغت) صارت تفرض (خاوات على محطات الوقود، ليرتفع سعر تبديل قنينة الغاز من ثلاثة آلاف دينار إلى عشرين ألفاً.. واليوم يستغل ليبيعوه قنينة فارغة مرة، وأخرى يتحججون لابتزازه من أجل تبديل هذه القنينة لأنها صغيرة والأخرى إيرانية..كما لو أنك أتيت بها خصيصا من إيران ولم تستورد بكميات كبيرة وتعبأ من قبل محطات التوزيع والتعبئة!يقول أحد الذين يجيبون على تلفون الخط الساخن:إن القانون لا يحمي المغفلين! فتساءلت من المغفل في هذه الحالة؟ المواطن..أم التاجر الذي استورد هكذا قناني، أم الوزارة التي سمحت بهذه الأمور، أم هي فوضى القوانين وعدم وجود رقابة ومتابعة لتطبيقها،أم هو عدم الإخلاص بالعمل من قبل ذوي الشأن حسب اختصاصهم! وإلا كان المفروض منذ زمن أن تجري الاستفادة من الغاز لتوصيله إلى المنازل كتوصيل المياه، كما هو الحال بالدول حتى الفقيرة منها مثل الجزائر وتونس وغيرها، لننقذ أموال الدولة ولتطوير خدماتها ولإنقاذ المواطن من المتلاعبين، ولكي لا يبقى من هو مغفل ولا يحميه القانون. والمعروف أن غير المغفلين لا يحتاجون لحماية القانون، فالقوانين وجدت لحماية المغفلين والطيبين من المواطنين الذين لا يعرفون الحيل ولا دروب الاستغلال.
المقامة الغازية
نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:29 م
جميع التعليقات 1
سوسن صالح
الموضوع مهم شكرا للكاتبة ابتسام الطاهر..تمنيت ان اجده معمما عسى ان يصل من يهمه الامر! لكنه يبدو ناقصا فالمقدمة مذكورة مع اسم الكاتبة لكنها محذوفة من المقال في صيغته للقراءة!؟ لماذا ياترى؟ اضافة الى اني بحثت عنه في صيغة PDF على نفس التاريخ المذكور وعلى رق