عدنان حسين لا يجب ولا يتعيّن علينا أن نزعل أو نغتاظ أو نغضب مما أعلنه زعيم حزب الله – العراق أول من أمس، فالرجل أفصح علناً وأعلن صراحة عمّا يؤمن به ويُخطط له بخلاف زملائه أو أخوته أو رفاقه في الحركة الإسلامية (الشيعية والسنية سواء بسواء) الذين نعرف أنهم يُضمرون عكس ما يقولون ويعلنون ويؤكدون ويصرحون ويفيدون به.
أمين عام حزب الله واثق البطاط صرّح بأنه يناهض النظام الديمقراطي "المطبّق"! في البلاد، مبرراً ذلك بان النظام الديمقراطي "يُعطي للصوص الحرية بأن ينهبوا ما يشاءون"، وانه يقبل بهذا النظام مؤقتاً لحين تمكنه من إقامة نظام حكم ديني (السومرية نيوز).قال السيد البطاط "أننا في حزب الله نؤمن بالنظام الثيوقراطي أو نظام الدين أو نظام التنصيب"، و"نملك القوة وواثقون من التغيير ومضطرون لأن نتماشى مع الواقع وأن نقبل الديمقراطية، ومن خلال الديمقراطية نمهد للحكم الثيوقراطي". السيد البطاط بهذا ينطق بلسان زعماء سائر الأحزاب الإسلامية (الشيعية والسنية، لا فرق)، فهم جميعا لديهم الشعور نفسه والقناعة ذاتها والهدف عينه، لكنهم لم يعودوا يجرأون على الإفصاح عن دواخلهم. هم جميعاً ينزعون إلى إقامة النظام الدكتاتوري الشمولي الذي يتطلع إليه السيد البطاط وحزبه.. النظام الذي يفرض على الناس فرضاً عقيدة معينة ونهجاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً محدداً وأسلوب حياة خاصاً لا يُراعي التنوع والتعدد والاختلاف التي هي من طبيعة الإنسان ومجتمعاته. زعماء الأحزاب الإسلامية الأخرى الذين يُمسكون الآن بزمام السلطة وعموم العملية السياسية ما انفكوا يُصدّعون رؤوسنا، في السيل اليومي من خطاباتهم وتصريحاتهم ومقابلاتهم التلفزيونية، بشعارات التعددية والمواطنة والمشاركة والحريات العامة والحقوق السياسية والمدنية والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص ودولة القانون، وسواها مما يُعدّ من جوهر الديمقراطية ونظامها، بيد انهم انتهوا بنا إلى نظام حكم لا يشبه أي نظام حكم ديمقراطي أو نصف ديمقراطي أو ربع ديمقراطي، بل انه شكل آخر من اشكال الدكتاتورية، والأزمة السياسية الراهنة أبرز تجلّ لهذه الدكتاتورية، فبدلاً من أن يتنافس السياسيون على خدمة الناس على أفضل وجه استناداً إلى برامج سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة ومحددة، كما يحصل في الدول الديمقراطية، يتصارع سياسيونا وأحزابهم وكتلهم وائتلافاتهم بضراوة على المناصب والامتيازات ولا يقبل أي منهم حتى بفكرة أن يكون حتى حين في المعارضة التي تُعدّ ركناً أساساً للنظام الديمقراطي. نظامنا الحالي هو بالضبط من النوع الذي وصفه أمين عام حزب الله بقوله "من مساوئ النظام الديمقراطي أنه نظام يُعطي للصوص الحرية بأن ينهبوا ما يشاءون"، ودليلنا، وربما هو دليل السيد البطاط أيضاً، هذا الفساد المالي والإداري المُستشري في أجهزة الدولة التي تقع أغلبيتها تحت قيادة الإسلاميين وإدارتهم وإشرافهم. لا تزعلوا ولا تغتاظوا ولا تغضبوا مما صرّح به أمين حزب الله .. انه يقول الحقيقة، فما من حركة إسلامية ديمقراطية، وما من حزب ديني ديمقراطي، وكل كلام للإسلاميين عن الديمقراطية إنما هو نوع من "التقية".
شناشيل :حزب الله العراقي يقول الحقيقة
نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:40 م