هاشم العقابي حاصرتني هذا الصباح أسئلة كان مثلها قد مر ببالي من قبل، لكنها اليوم طفحت على لساني: كيف نام اهل السلطة في الخضراء ليلتهم؟ وقبل أن يناموا هل ضحكوا وتعشوا وشربوا واكلوا "الركي" كعادتهم؟ وهل ناموا مع زوجاتهم "المسعدات" بعد ان قبلوا اطفالهم "المدللين" الذين لا ينامون الا بعد ان يستمعوا للموسيقى وتأتيهم الخادمة بالحليب
الدافئ المستورد من هولندا؟ وفي هذا الصباح، هل جلسوا مهمومين مثلي، أم ان لديهم "الدنيا تتن والكاع جينكو" كما يقول اهلنا عن خليّ البال. حاولت ان اتخيل واحدا فيهم موجوعا من تصاعد وتيرة القتل الذي احدثته المفخخات والعبوات وآخرها ما حدث بالديوانية، فلم تدلني مخيلتي على أحد.ماذا لو كانت الديوانية في بلد ديمقراطي حقيقي ويحدث فيها ما حدث؟ هل يصمت رئيس الوزراء ويقبع في مكانه؟ أم انه سيهرول صوب المكان الذي سالت بها دماء الابرياء وترملت نساؤهم ويتمت اطفالهم وتهدمت بيوتهم؟ وهل ستنام له عين أم سيسهر مع الجرحى الممددين على فراش الموت ولا يهدأ له بال الا ان يضع حدا لمأساتهم او يستقيل؟ غريب ان يصمت رئيس الحكومة وتخرس وزارة الناطقية وتعيش الخضراء يوما بهيجا كباقي ايامها، والارهابيون اشبعوا شعبنا قتلا وتدميرا خاصة في الايام الأخيرة. احسبوا عدد المرات التي تكلم بها السيد المالكي حين هُدّد بسحب الثقة، وآتوني بكلمة واحدة منه قالها حول القتل والتدمير اللذين حلا بالديوانية مؤخرا. ثم استحضروا كيف اهتزت غيرة نساء دولة القانون، قبل شوارب رجاله، حين لاحت لوائح يوم السحب. لم يظهروا خوفهم ورعبهم، حسب، بل وشعروا بأن سحب الثقة عن رئيسهم اهانة لهم وللشعب والعراق باعتبار ان العراق، هو المالكي، والمالكي هو العراق! تيتي تيتي. لكنهم امام قتل العراقيين بشكل يومي، ساموط لاموط.ورغم استغرابي من شعور هؤلاء بالاهانة من ممارسة ديمقراطية اقرها الدستور، لكني أعطيهم بعضا من الحق لا اغلبهم لو سحب الكرسي من تحت سيده سيعود الى من حيث اتى. وهذه حقا اكبر اهانة عند من تعود العيش في احضان "خضراء الدمن" ثم يطرد منها ليعود كما كان. والذي ليس له أول ليس له تال، كما يقولون.لكن هذه الحساسية المفرطة بالشعور بالاهانة تجاه سحب "كرسي" لماذا تموت امام ما يفعله الارهابيون بالعراق والعراقيين؟ نعم ان الارهابيين قتلة وسفاحون. لكنهم، ورغم انهم اكثروا القتل بابناء شعبنا، لم يتوصلوا لاذلال الناس. لقد تحداهم شعبنا الصابر ولم يختبئ أو يضم رأسه كما فعل ويفعل سادة السلطة بالخضراء. انها حقيقة يجب ان تقال بان الارهاب نجح في اهانة السلطة واذلالها لانه يتحداها كل يوم وليلة وعلى مدى سنين. ونجاح القتلة في جرح اصبع انسان عراقي واحد، ولا اقول قتله، رغم انه يدمي القلب، لكنه يبقى وصمة ذل في جبين من قصر في حماية الشعب، خاصة من يدعي ان العراق يعيش في امان وتحسن امني متصاعد. اما يشعر هؤلاء الذين بالسلطة، من اكبرهم الى اصغرهم، بالذل والمهانة وهم يرون الفجيعة تحل بالعراقيين في ايام حكمهم؟ اي حكومة هذه يهينها الارهابيون كل يوم وتسكت ذليلة بلا خجل من الناس أو حتى من نفسها؟ اذكرهم ان من يختبئ ولا يواجه الناس ونفسه بحقيقة انه فاشل سينتهي به الأمر ذليلا منكسرا محشورا في جحر أظلم. ولا يفرق حينها، ان كان الجحر اسود ام أخضر. أو ان كان فيه صدام أو القذافي او ....
سلاما ياعراق :وصمـــــــة ذلّ
نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:43 م