TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس :أنا عراقيّ .. أنا أقرأ

قرطاس :أنا عراقيّ .. أنا أقرأ

نشر في: 4 يوليو, 2012: 07:48 م

 أحمد عبد الحسين "مصر تكتب ولبنان يطبع والعراق يقرأ" .. الكلمة التي يقال إن طه حسين قالها وذهبتْ باعتبارها مسلّمة، لم تكنْ دقيقة يوماً، وبالتأكيد هي ليست كذلك اليوم تحديداً، هي شائعة استلطفها المصريون واللبنانيون والعراقيون وأشاعوها فثبتتْ كأنها ختم، كلّ منهم وجد فيها حصته من الثقافة ورضي بها.
هل العراقيّ يقرأ؟ ماذا يقرأ؟ ليست بين يديّ إحصائيات دقيقة طبعاً، لكني أعرف أننا نكاد نكون شعباً أُميّاً، أعرف أن الصحف الكبرى لدينا ـ لن نتحدث عن الكتب ـ لا يباع منها سوى بضعة آلاف فقط، أكثر من ثلاثين مليون شخص لا يستهلكون بالكاد سوى عشرين ألف نسخة من الصحف، أقلّ أو أكثر بقليل.نحن لا نقرأ. لدينا ما يشاع أنه أكبر سوق للكتب في المنطقة "شارع المتنبي" لكنّ مدمني هذا الشارع يعرفون أنهم وحدهم يأتون ويذهبون إليه كلّ جمعة للقاء ولإقامة الأصابيح،  نفس الوجوه والأسماء، إنهم أصدقاء إذا غاب واحد منهم افتقده الجميع، هؤلاء هم أهل الكتاب عندنا.لكنّ شباباً أغلبهم من رواد المتنبي، يريدون أن يجعلوا العراقيّ يقرأ حقاً، يريدون أن يجعلوا من مقولة طه حسين حقيقة، صبايا وشباب اجتمعوا مرات واتفقوا على البدء بمشروع مثمر، جعلوا له هذا العنوان "أنا عراقيّ .. أنا أقرأ". كوجيتو فيه من الحماسة ما يليق بالشباب، وفيه تعويل على أملٍ ملحميّ: أن يكون العراقيّ "الذي لا يقرأ الصحف ولا يعرف من الكتب سوى كتب المنهج أيام دراسته" قارئاً.أمس نشرت "المدى" تقريراً عن مبادرة هؤلاء الشبّان الآملين الذين نتمنى أن تصيبنا عدوى أملهم، فالعافية ـ لا المرض وحده ـ تعدي أيضاً، والمعافون يشعّون صحة على من حولهم، وعلينا أن نكون معهم، لا لنساندهم فقط أو لننصحهم ونشجعهم بل لنستزيد منهم أملاً فقد تملّكنا يأس ثقيل.في أيلول المقبل ستكون في بغداد، بفضل هؤلاء الشبان، تظاهرة من نوع مختلف، تظاهرة لا ترفع فيها لافتات حزبية أو دينية، لا أهازيج طائفية أو فئوية، تظاهرة صامتة مسالمة لآلاف من الأشخاص لا يحمل كلّ منهم سوى كتاب. سيوزعون الكتب على المارّة والسيارات، سيقرأون ويدعون العراقيين إلى أن يقرأوا."أنا عراقيّ .. أنا أقرأ" حدث ثقافيّ كبير، أجزم بهذا قبل أن ينطلق، لأنها المرة الأولى التي يجتمع فيها عراقيون كثر على حبّ الحياة ممثلاً بحب القراءة، فنحن في العادة تجمعنا السياسة ـ التي هي آلة تنتج كراهية ـ ويفرّقنا الشعار الديني ـ الذي هو آلة أخرى تنذر بإنتاج العنف ـ، هذه المرة دعانا أهل الكتاب من الشباب لأن نكون بلا لافتة أو شعار. سنكون هناك معكم أصدقائي الرائعين، لأنكم آخر ما بقي لنا من أمل في عودة الروح لهذه الدولة المنكوبة برجالها ورموزها وقادتها الذين لا يقرأون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram