عباس الغالبي الوظائف الحكومية والبطالة جدليتان متصارعتان في ظل انحسار دور القطاع الخاص في إمكانية توفير فرص العمل للعاطلين ، ولعل إعلان مجلس الوزراء عما مقداره 40 ألف درجة وظيفية للعام الحالي محاولة لامتصاص زخم البطالة المتصاعد والمتنامي .
وإذا ما أردنا الحديث عن فرص العمل في المؤسسات الحكومية تقفز أمامنا وبدون تردد موضوعة البطالة المقنعة التي تعج بها الدوائر الحكومية كافة ، وهي مشهد لافت للنظر له انعكاساته السلبية على قدرة المؤسسات الإدارية والتنظيمية والمالية ، حيث تخلق هذه الحالة ترهلاً وإرباكاً في هذه المؤسسات ، وهي بطبيعة الحال نزوع نحو الثقل الإداري وغياب الانسيابية في العمل ، خاصة إذا ماعرفنا أن التكنولوجيا الحديثة تستغني عن الكثير من الموارد البشرية في العمل وتختصر كذلك الكثير من الحلقات الإدارية ، ولكن التخمة التي تعانيها المؤسسات الحكومية حالياً في العراق تدعو إلى السعي الجاد لخلق منافذ استيعاب أخرى للعاطلين عن العمل واحتواء الكفاءات منهم ، حيث نرى أن القطاع الخاص والاستثمار الفاعل فيه هو السبيل الأمثل لامتصاص نسبة كبيرة من البطالة .ونرى في هذا الاتجاه أيضا أن المضي من قبل الحكومة على تخصيص درجات وظيفية بهذه الكيفية ومن دون ضوابط تراعى فيها معايير الخدمة المدنية والاختصاص والكفاءة ، سيجعل من هذا الكم الهائل من الدرجات الوظيفية تعزيز وإضافة لنسب البطالة المقنعة المرتفعة أصلاً ، كما أنها تعطيل لقدرات وكفاءات الكثير من الخريجين لاشتغالهم بغير اختصاصاتهم على طريقة توفير فرص العمل كإسقاط فرض .وسيبقى صراع فرص العمل ومستويات البطالة مستمراً ، إذا لم يؤخذ بنظر الاعتبار عدد من القوانين لاسيما قانون الخدمة المدنية بصيغة جديدة تتسق ومتطلبات العصر وهيكلية المؤسسات الحكومية وطريقة الإدارة الرشيدة ، حيث من الممكن هنا المساهمة إلى حد كبير في اعتماد الحاجة الملحة من الوظائف وبحسب أولويات لقطاعات بعينها من دون إغراق المؤسسات بأفواج من الموظفين غير القادرين على الإنتاج والتعاطي مع متطلبات الوظيفة الحقيقية .كما أن مخرجات التعليم العالي يفترض أن تكون بحسب الحاجة الفعلية ومتطلبات المرحلة ونوع الأعمال المطلوبة للمؤسسات سواء أكانت للقطاع العام أم الخاص وبناء الخطط التنموية المتوسطة والبعيدة المدى على أساس الحاجة والاختصاص الدقيق بشكل منظم ومرحلي ، حيث نرى أن مخرجات التعليم العالي الحالية لا تنسجم وخطط التنمية الموضوعة من قبل وزارة التخطيط ، وإن كانت تقترب من ملامسة الخطط التنموية إلا أنها بشكل يسير ،وغالبا ما تلجأ وزارة التعليم العالي إلى قبول جميع خريجي الدراسات الثانوية في اختصاصات غير مطلوبة في الوقت الحاضر أو على المدى المتوسط ، فتكون المحصلة النهائية أفواجاً كبيرة م العاطلين عن العمل بسبب غياب الرؤى والتخطيط الصائب والتنسيق بين الوزارات ذات العلاقة .
اقتصاديات :الدرجات الوظيفية والبطالة
نشر في: 4 يوليو, 2012: 08:05 م