TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: انها الديمقراطية لا الليبرالية

أحاديث شفوية: انها الديمقراطية لا الليبرالية

نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:39 م

 احمد المهناهل هذه هي الديمقراطية؟هذا السؤال سيظل يتردد مع كل انتخابات تجري في بلدان "الربيع العربي" ويفوز فيها اسلاميون. وهو سؤال ممتاز في الواقع. ذلك ان هناك من يرون تناقضا أصليا بين نظام الحكم الديني، أي نظام حكم ديني، وبين " الديمقراطية"، حتى وإن جاء "الحكم الديني" عبر انتخابات حرة ونزيهة.
يمكن تعريف "الديمقراطية" بأنها "مجموعة قيم" من وضع العقل الانساني. أما نظام الحكم الاسلامي فمرجعه الى الله تعالى برأي دعاته. وبايجاز فان "الديمقراطية" نظام حكم مصدره الحصري هو عقل الإنسان، بينما النظام الديني يستند الى ما يقول أقطابه انه "النقل" عن الوحي. وهذا هو "التناقض الأصلي".ان حل هذا التناقض "المفهومي"، حلا جزئيا، يكمن في التفريق بين "الديمقراطية الليبرالية"، وبين "ديمقراطية الانتخابات" أو "ديمقراطية الاقتراع". ان "الاقتراع" الذي يجعل السيادة الشعبية أساس الحكم، شق أول من "الديمقراطية الليبرالية". أما الشق الثاني فهو الحرية الفردية. فالديمقراطية الليبرالية اذن هي "عقيدة الحرية الفردية والسيادة الشعبية". وفي هذين الشقين يقع الارتباط الوثيق بين "الديمقراطية" وبين "الليبرالية". فلا ديمقراطية ليبرالية من دون العمل بقيمة "الاقتراع العام" التي تعيد الحكم الى السيادة الشعبية.ولكن الإقتراع العام وحده لا يجعل النظام السياسي المنبثق عنه ليبراليا. انه ديمقراطي لأنه جاء نتيجة انتخابات. ولكنه ليس ليبراليا اذا قمع سلة من الحقوق توضع تحت باب "الحرية الفردية". وهذه "الحرية الفردية" يمكن رد جميع مضامينها الى قيم ليبرالية أخرى، غير الاقتراع، وهي بالتحديد سبع: حرية التفكير، حرية التعبير، التسامح، الخلاف، قدرة العقل، قوة الأفكار، وقداسة العقل.أحد المفكرين يصنف هذه القيم السبع تحت ثلاث فئات هي: الحقوق المدنية (الامتناع عن مراقبة المواطن فيما يتعلق بشخصه وملكيته)، الحقوق الدينية (الامتناع عن الرقابة في حقل التعبير عن الآراء الدينية وممارسة العبادة)، والحقوق السياسية (منع الرقابة في كل ما لا يمس مصلحة المجموعة بمجملها الى الدرجة التي تصبح فيها الرقابة ضرورية).وعلى رأي فوكوياما فانه يمكن لبلد أن يكون ديمقراطيا دون ان يكون ليبراليا، والعكس صحيح. ففي القرن الثامن عشر أمّنت بريطانيا قيم "الحرية الفردية" من دون ان تكون ديمقراطية. وايران، ربما قبل انتخابات 2009 التي شابها تزوير خطير، ديمقرطية نوعا ما، ولكنها "ليست بلدا ليبراليا: فحريات التعبير والاجتماع وحتى حرية الدين ليست مؤمنة فيها..والوضع اشد سوءا ايضا فيما يتعلق بالأقليات الإثنية والدينية في البلاد".في يوم ما لم يكن "التعليم العام" في العالم العربي معروفا ولا مقبولا، فضلا عن أن يكون مفروضا. اليوم أصبح قيمة داجنة. وهو واحد من القيم الليبرالية التسع. "الربيع العربي" أعاد الاعتبار الى قيمة ليبرالية اخرى هي الانتخابات. واذا تحولت الانتخابات هي الأخرى الى قيمة داجنة في المنطقة فهذه خطوة ديمقراطية كبيرة أخرى.وكما أن ضغط التقدم في التاريخ أملى علينا، اسلاميين وعلمانيين، هذه الخطوة فانه لن يتوقف عن دفعنا الى خطوات "ليبرالية" أخرى. ففي "النهاية"، كما يقول فوكوياما، فانه من بين النماذج المختلفة منذ ظهور أول ديمقراطية حديثة في الولايات المتحدة عام 1776، فان الشكل الوحيد للحكم الذي استمر صامدا كان الديمقراطية الليبرالية.وهكذا فان تونس ومصر اليوم ديمقراطيتان. نعم. ولكن الليبرالية لاتزال بعيدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram