اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > في الكتابة النسوية..عـن الشـعر والنـسوية المحاصـــرة 2-2

في الكتابة النسوية..عـن الشـعر والنـسوية المحاصـــرة 2-2

نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:46 م

ياسين طه حافظهذا هو الإلمام العام بفضاء الديوان وحركة قصائده. واسمحوا لي الآن بالقول إني أجد بُغيتي في الديوان بدءاً من ص 71. أي من "أحزان بلقيس" حيث بدأ الخارج الخشن يخف وبدأ الديوان يشي بأحزان فردية وأسى وبأنواع من التشوق المُحْبَط، المُتعالى عليه والمأسوف عليه في آن! قد بدأت بوادر هذا القول في "ما رَوَتْهُ دجلة للبحر". لكن من أحزان بلقيس بدأنا نرى ايماضات قوية أُخرى و"مائدة الحرب ما تزال تدور .." كما تقول بشرى.
 سرّ اهتمامي في أحزان بلقيس وما بعدها ان لي اهتماما خاصاً بالانثوية وحين أقرأ عملاً إبداعياً نسوياً ، ابحث عن حاجتي فيه. في أحزان بلقيس وجدت بلقيس (او بشرى) أكثر جرأة في الكشف وأكثر أخلاصا لنفسها وللشعر.فهي في خضم العمل والحياة اليومية الصاخبة المعقدّة، تنتبه إلى روحها ولحاجتها الغائبة : "أبحث عن وردتي في الزحام"وهي التي تكشف عن أسرارها الشخصية لتقول"مشكلتي إن الرمان يظل عصيّاً في الأغصانْ"وهو اختزال بليغ ومهذّب لمشكلة المرأة في المدينة المحافظة. مشكلة الفتاة الحَصان، المُتَأَبيّة عن نداءات الحب والرغبة والتي ترتضي بالحرمان. الحرمان ليس سهلاً، هو قاس كما هو خسارة حياة ولوطأته الدائمة ومرور الزمن اثر موجع وهو سبب حيرة مؤلمة كشفت عنه بقوة كلمة "مشكلتي"! هي مشكلة إذن لا نستطيع تجاوزها. معاناة أنثوية صارت صيحة احتجاج كسير. الثمار تنضج ولا قطاف، "الرمان يظلّ عصيّاً في الأغصان" هو استلاب من ناحية وهو مدعم بايجابية "عصيّاً" وهذا يكشف عن إحساس مأساوي مُضمَر. انه ابلغ وأوجز تعبير، يكشف عن رغبة وانكسار في آن واحد. و "بلقيس ما بين عرشين تسعى وما بين بحرينِقلبانِ في صدرها ونشيد."هي إذن بين أستاذة أكاديمية محترمة وبين إنسان طبيعي يريد حياة وله احتياج إنساني دونه أسيجة شائكة – آداب و "لياقات اجتماعية" وحفظ هيبة أو مكانة، وفي مدينة محكومة بقوانين ويباس حجري لا يرحم هوى أو رغبة أو ميل روح. فهي راضية وغير راضية تقول: "ترقبني عين الصياد""ترقبني" و"الصياد" تكشفان عن جو المدينة. والمحاذير...لن انساق مع جو القصيدة العام، ولكني أتابع انبثاقاتٍ كاشفةً تعلن عن مكبوتات أو حقائق، فعلَ محلل نفساني. إن ذلك التأبّي الذي شهدناه في الرمان العصيّ لا يفارق الشاعرة فهو بعض من تكوينها "الأخلاقي" والذي ألِفَتْه أو لا تريد ، أو تخشى، أن تتجاوزه:همسَتْ: لا أُحبُّكَ والحبُّ ينزف من راحتيها! عذاب نسوي. ترغب وتردع نفسها، تتمنى وتدير وجهها مرغمة عن رؤية الأمنية، تصل ولا تكمل خطوة الوصول. عذاب امرأة حقيقي من ذلك الذي نراه في المدن الحجرية المحافظة."صمتُ زنديك على خصرييصيح ! ""يصيح" هنا ليست كلمة اعتيادية! التجربة قريبة وبعيدة .. تعود بعد هذا لتستمتع بالأمنية، أو بالذكرى، من بعد:شجر جنوبيٌّ يظللني وينسى فوق خصري ساعديه . تجربة بمسحة تراجيدية تنمو نمواً حذراً وتتكشف بين سطور ومقاطع القصائد. وتبوح بها إمّا وجدت ستراً أو غفلة بين مفردات هذي القصيدة او تلك القصيدة. لكنها في كل حال، أشواق عالية، بل حادة ولا مجال لإخفائها، مثلما لا تخفى شدة الحرمان:تتوهج الصحراء، ما بيني وبينك نحلة ظمأى وأشواق وسور! أكيد لكلمة "جنوبي" دلالة شخصية وليست مقابلاً لها أو لمدينتها الشمالية، وان هناك تجربةً متسترة في طيات القصائد، بينما الزمن يمر: "الفصولْحفرت آخر قبلهفوق جيد ..."القبلة هنا هي الأثر الزمني على جيد بلوري كان فتيّاً طازجاً، أتمنى أن يكون ما يزال في رونقه .. هذا يذكرني بقصيدتي "من مذكرات سيدة" عن سيدة تتفقد وجهها في المرآة: "أتفقّده في الصباحأتفقدّه في المساء فمن أين تأتي وتحتلّ وجهي الغضون؟ "والتي أثارت اهتمام  صديقنا د. محمد صابر عبيد فكتب عنها.ولنعد إلى القبلة الأخيرة التي طبعها الزمن على جيد بشرى، وكم هو الإحساس الأنثوي عميق مؤلم. بعيد أنا وتعاطفت معها فشعرت بالحزن! لكن هنالك، كما يبدو لي، تجربة أكثر جرأة ""يؤرقها الليل إذ يتألَقُ في دمها،تستريب، يمد يديهِ:تعالي لصدريتقول: أموتُ،يصيحُ نموتُ معاً،وتدلىّ على صدرهِ رأسُها.هي تتدرج في الجرأة، التجربة تكتمل:"افتح بابييدخل عطرُك! "ثم:"ندخل في طيات الكون معاًونغيب..".هكذا، بحذر، بترقب، تسللّت "النسوية" المحاصرة لتصل إلى الضوء وتنتصر! انتهى الحزن. ونحن الآن أمام تجربة حيّة ساخنة بعذوبة، لا يسع القارئ إلا أن يشعر بسعادة لها ولنفسه ويتمناها للآخرين. فتلك هي الحياة وهذا حقنا الطبيعي في العيش والمتعة، وطوبى للمهارة الشعرية التي أوصلت التجربة، ظافرة ومشعّة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram