خضير علي العزاويصمت رئيس الوزراء نوري المالكي طويلا ليخرج إلينا بمشروع الانتخابات المبكرة وكأنه يقول للجميع تعالوا نهرب من الحل والأزمة ونعيد خلط الأوراق من جديد.والانتخابات المبكرة تعني بقاء المالكي رئيسا للوزراء لعام جديد في ظل حكومة تصريف أعمال من جهة ومن جهة أخرى يحاول المالكي إعادة هيكلة تحالفاته من جديد مما يؤمن له ولاية ثالثة، وقد يقول البعض كيف هذا ؟
الجواب ببساطة بأن الانتخابات تجري بعد ستين يوما من حل البرلمان بموجب الدستور العراقي، وبعد شهر من إجرائها تعلن النتائج وبعد تسعة أشهر تشكل حكومة جديدة قد يكون المالكي رئيسا لها بحسب النتائج التي ستتمخض عنها وهي لا تختلف كثيرا عن النتائج الموجودة حاليا ، وهذا ما يعني بأن مشروع الانتخابات المبكرة أهدافه واضحة وجليه ولا يمكن أن تنطلي على أحد من الذين يعرفون جيدا كيف تدار الدولة في العراق .أول هذه الأهداف الهروب من الاستجواب المعد من قبل قوى سياسية لها تأثيرها في البرلمان التي بإمكانها أن تطيح المالكي دستوريا ، والثاني يتمثل بحل البرلمان و البحث عن خارطة جديدة قد تفرزها الانتخابات المبكرة وإعادة إنتاج حكومة مالكية جديدة بولاية ثالثة عبر وسائل عدة أبرزها بالتأكيد تزاوج السلطة والمال من جهة ،ومن جهة ثانية إثارة النعرة الطائفية التي تغلف الخطاب السياسي والإعلامي لدولة القانون ،وهذا ما سيجعل البلد يتخندق من جديد كلاً حسب طائفته وفئته وهو ما يخدم مشروع الولاية الثالثة لنوري المالكي. والغريب في الأمر أن رئيس الوزراء تناسى بأن لا مفوضية انتخابات في العراق الآن ولم يتم الاتفاق والتوافق على مفوضية جديدة ، وهذا ما يجعل من الانتخابات المبكرة أمر صعب إن لم يكن مستحيلا، ناهيك عن عدم توفر مبالغ مالية ضمن الموازنة العامة مخصصة للانتخابات المبكرة.أجد أن دولة القانون بدأت تشعر بأنها باتت معزولة حتى عن قوى موجودة داخل التحالف الوطني أبرزها التيار الصدري وكتلة المواطن اللتان رفضتا الانتخابات المبكرة جملة وتفصيلا واعتبرت هذا الأمر غير واقعي ومجرد إعلام يحاول الخروج من أزمة وضع دولة القانون نفسه فيها عبر تجاهله الإصلاحات المطلوبة في العملية السياسية .ليس بهذه الطريقة تحل الأزمات بل الحل الأمثل يتمثل بإيجاد إصلاحات وإبعاد البلد عن شبح دكتاتورية جديدة بدأت تنهض في العراق عبر ممارسات عديدة ستكون ذات بعد تراكمي في المستقبل القريب جدا ، خاصة ما يتعلق منها بالجانب الأمني عبر وزارتي الدفاع والداخلية اللتين ما زال المالكي يشغلهما بالوكالة ويسيطر من خلالهما على مفاصل مهمة في الدولة العراقية .إنها محاولة جديدة لخلط الأوراق والهروب من الاستجواب مع تسويف ومماطلة لمشروع الإصلاح السياسي والتوازن المطلوب في هيكلة الدولة العراقية التي يحاول البعض الهيمنة عليها من كل حدب وصوب .
المالكي والهروب من الحل
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:48 م