حازم مبيضينفي ظل وضع أمني هش، وبعد ما يقارب الأربعين عاما من الحكم الفردي الدكتاتوري، توجه الملايين من الليبيين أمس إلى صناديق الاقتراع،لانتخاب برلمان مؤقت، في حين دعا أنصار الفيدرالية، الذين ينتقدون توزيع المقاعد في البرلمان الجديد، إلى مقاطعة الانتخابات، وقاموا بعدد من الأعمال لنسفها،
مثل تخريب مكاتب مفوضية الانتخابات في بنغازي، وإحراق مستودع يحتوي على مستلزمات انتخابية، رغم أن مهمة المنتخبين ستقتصر على اختيار حكومة جديدة، وإدارة مرحلة انتقالية، وإعداد القانون الذي سيجري بموجبه انتخاب اللجنة التأسيسية، بعد أن سحب المجلس الوطني الانتقالي منهم حق تعيين أعضاء اللجنة المسؤولة عن صياغة الدستور الجديد، وأعلن أن انتخابا جديدا سيجري لتشكيل اللجنة، وإن كلاً من المناطق الثلاث ستمثل بعشرين عضواً بما يضمن المساواة بين أقاليم ليبيا الثلاثة.ليس مهماً عند المراقب الحريص على نجاح تجربة الشعب الليبي عدد الناخبين الذي يقترب من الثلاثة ملايين أو عدد المترشحين المتنافسين على 200 مقعد، ويقترب عددهم من الأربعة آلاف، ولاتقسيم المقاعد بين المستقلين والقوائم الحزبية، كما ليس مهماً منع أعضاء المجلس الانتقالي من الترشح لضمان النزاهة، ومعهم المدانون بالفساد وأنصار القذافي، كما أن البرامج الانتخابية التي ينبغي التذكير بمراعاتها الموائمة بين الديني والسياسي، لاتبدو لافتة للنظر، ولا العدد الهائل للأحزاب المتنافسة، وإن ائتلف بعضها تحت لافتات عريضة، لضمان العبور إلى المجلس الجديد، المهم بصورة أساسية، أن الشعب الليبي استعاد حقه في اختيار حكامه، وأن التضحييات التي قدمها لن تذهب هدراً، وأن المهم هو أن هذه الانتخابات ليست أكثر من الخطوة الأولى، في درب الديمقراطية الطويل.يتخوف البعض من نجاح حزب العدالة والبناء، المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين الليبيين، بعد تلقيه دعماً معنوياً، تمثل في انتخاب المصريين قبل أسبوعين رئيساً جاء من صفوف الإخوان، كما يتخوفون من عبور حزب الوطن، المنبثق عن الجبهة الوطنية للتغيير، وهو يعبر عن توجه بقايا الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي كانت ترتبط بتنظيم القاعدة، قبل أن ينأى قائدها عبد الحكيم بلحاج بنفسه وبأنصاره عن هذا التنظيم، إضافة إلى عدد من التنظيمات السلفية الاسلاموية، كحزب الأصالة الذي تقدم ببعض المرشحات المنقبات، كما يتخوف البعض من ردود الفعل على النتائج ،التي لن ترضي الجميع، في بلد بات غابةً من الأسلحة، بعد إطاحة القذافي، وتوزيع أسلحة كتائبه كغنائم للمقاتلين ضد نظام حكمه.كل هذه المخاوف، حتى وإن تحققت لن تثنينا عن الشعور بفرح غامر، ونحن نتطلع إلى الشعب الليبي، وهو يمارس سيادته الحقيقية، عبر انتخابه حكامه، الذين لم يعودوا أصناماً تفرض على التابعين عبادتها، بقدر ما هم خدم لهذا الشعب، القادر على محاسبتهم عن أي قرار يتخذونه، ولا يحظى برضى المواطنين، وإذا كنا نتوقف قليلاً عند من يرفضون الانتخابات،لأسباب تنظيمية تتعلق بتوزيع المقاعد، أو السعي نحو حكم فدرالي، فإننا على ثقة بأن هؤلاء لايريدون غير الخير لبلدهم، وهم يسعون لتطوير التجربة، بما يتناسب مع طبيعة مجتمعهم، الذي يعرفونه أكثر من الآخرين .
في الحدث: الليبيون يقطفون الثمرة
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:57 م