رفعة عبدالرزاق محمدفي اوائل عام 1922، قرر الاستاذ امين الريحاني زيارة البلاد العربية والاطلاع على احوالها ومشاهد تطورها، ومهما قيل في (سر) تلك الرحلة الطويلة للريحاني، فان ما خلفته من مصنفات للريحاني، كان لها الاثر الكبير فيما بعد، واصبحت كتب مشاهداته وانطباعاته من الكتب التي لايستغنى عنها في دراسة تاريخ البلاد العربية وتطور نهضتها.
زار الريحاني مصر في 27 كانون الثاني 1922، ثم زار الحجاز ومن هناك يمم بلاد اليمن ثم توجه الى عدن، وركب عن طريق الخليج العربي الى البصرة، ولم يبق فيها الاّ ساعات حتى سافر الى بغداد عاصمة الدولة العراقية الجديدة،فوصلها صباح الجمعة 4 أيلول 1922، واصبحت زيارته الاولى تلك مناسبة ادبية وسياسية كبيرة، اذ اقيمت له الاحتفالات والمجالس والمحاضرات، وتنافس الكتاب والشعراء في بيان آرائهم وشكاواهم الى الريحاني.وقد كانت زيارته هذه هي الاولى، وكرر الزيارة عام 1932، فزار بغداد مدعوا لحضور المعرض الصناعي والزراعي، وانتجت زيارته الثانية كتابه (قلب العراق) ثم زار العراق عقب انقلاب بكر صدقي سنة 1936 ليرى احوال العراق عن كثب بعد الضجة الكبيرة التي اقامتها الصحافة القومية العربية ضد الانقلاب، لكنه لم يلبث ان ترك العراق بسرعة ولم تخلف هذه الزيارة اي اثر كتابي للريحاني، اما زيارته الاولى الكبرى فقد كتب عنها كتابه (فيصل الاول) ضمن موسوعته (ملوك العرب) وضمنها آراء ومشاهدات وطرائف كثيرة، جديرة بالتنويه والتحقيق.حفلة دار المعلمينواول حفلة اقيمت للريحاني في بغداد كانت حفلة دار المعلمين في 7 أيلول 1922 اقامها مدير الدار السيد محمد خليل افندي في بهو الدار حضرها وزير المعارف السيد هبة الدين الشهرستاني، ومعاونه الاستاذ ساطع الحصري، ومستشار الوزارة (المستر كلن) والاستاذ معروف الرصافي ومديرو المعارف في الالوية، ونخبة من الادباء في مقدمتهم الاستاذ الشاعر الزهاوي وقد افتتحت الحفلة بكلمة مدير الدار، ثم القى الاستاذ رفائيل بطي محرر جريدة (العراق) كلمة في ترجمة الريحاني واعماله ومؤلفاته ثم اعقبه السيد محمد عبدالحسين مفتش المعارف لمنطقة الفرات بكلمة مناسبة، ثم القى الاستاذ ناجي القشطيني قصيدة عنوانها (حق الحمى) ومطلعها:لحماك يا انسان حقلم يكفه حب وصدقثم القى الوزير الشهرستاني كلمة قصيرة، وانتهى الحفل بكلمة بليغة للريحاني.حفلة الحزب الحرواقيمت حفلة الحزب الحر في مقر الحزب، حضرها عدد كبير من وجوه العاصمة، وقد افتتحها السيد محمود النقيب رئيس الحزب بكلمة ترحيبية، ثم القى الاستاذ الزهاوي كلمة معبرة ثم نهض الاستاذ الرصافي والقى كلمة بالمناسبة، والقى السيد رشيد الهاشمي كلمة (خيالية) ثم نهض الزهاوي ثانية والقى قصيدة تضمنت موضوعات حكمية وفلسفية، حتى قام الاستاذ الريحاني والقى كلمة مناسبة وقصيدة من الشعر المنثور بعنوان (رب العراق).حفلة المعهد العلمي وكانت هذه الحفلة من اكبر الحفلات، واقيمت على مسرح السينما الوطني التي زينت بسعف النخيل والاعلام والزهور وحضرها جمع غفير من رجال الفكر والادب والسياسة، وقد افتتحها معتمد المعهد الاستاذ ثابت عبدالنور بكلمة معبرة، اعقبه الشاعر الحاج عبدالحسين الازري فألقى قصيدة، مطلعها:اشتقاقتك اطلال العراق الدوائرواثار مجد كلهن مآثروفي هذه الحفلة، القى الاستاذ الرصافي قصيدته الشهيرة التي بث فيها شكواه من احوال العراق السياسية، واصبحت هذه القصيدة حديث الناس طيلة العهد الملكي لجرأتها وعنفها في النقد، ومطلعها:ان العراق بعرضه وبطولهوبرافدين وباسقات نخيلهومما قاله في هذه القصيدة الذائعة:أمين جئت الى العراق لكي ترىمافيه من غرر العلى وجمولهعفوا فذاك النجم اصبح آفلاوالقوم محتربون بعد افولهأأمين لاتغضب عليّ فأنني  لا ادعي شيئا بغير دليلهمن يرجى للعراق تقدموسبيل ممتلكيهغير سبيلهلاخير في وطن يكون السفعند جبانه والمال عند بخيلهوالرأي عند طريدة والعلم عند غريبه والحكم عند دخيلهثم انشد فريق من طلاب المدارس نشيد العراق ، وانتهى الحفل بكلمة قصيرة للريحاني اردفها بقصيدة من الشعر المنثور بعنوان (رفيقتي)..ودعت رئيسة مكتب السلام المس بل (السكرتيرة الشرقية للمندوب السامي) وجهاء بغداد لحضور حفلة تكريم الريحاني في المكتبة نفسها التي اتخذت من احدى قاعات القشلة مكانا لها، وبدأت الحفلة بكلمة للمس بل باللغة الانكليزية ثم القى الشيخ كاظم الدجيلي كلمة في مآثر الريحاني وفضله، ثم قام الاستاذ الزهاوي والقى موشحا بديعا، حتى قام المحتفى به والقى كلمته باللغتين العربية والانكليزية.حفلة ادباء العراقوفي يوم الجمعة (27 أيلول 1922) اقيمت حفلة ادباء العراق في تكريم الريحاني في (اوتيل عبدالاحد) الواقع في الشارع العام (الرشيد)، وقد افتتحت بكلمة الاستاذ الزهاوي ثم القى رفائيل بطي كلمة استعرض فيه الاساليب السائدة في الادب العراقي الحديث، وبعدها انشد الشيخ كاظم الدجيلي قصيدة ترحيبية، ثم القيت كلمات رشيد الهاشمي وعطاء امين ورفائيل بطي الذي القى قصيدة من الشعر المنثور بإسم (النابغة)، والقى الرصافي قصيدته قبل ان يلقي الزهاوي قصيدته، وعند ختامها القى الريحاني كلمة جميلة. وكما كان متوقعا فان قصيدة الرصافي تضمنت شكوى الشاعر ومعاناته ونكران مواطنية له، وفيها بيته الشهير:سكنت الخان في بلدي كأنيا