عامر القيسيقال لي أحد الأصدقاء إنني تسرعت كثيرا في فرحي وتفاؤلي حين نشرت في عمودي يوم 20\6، وتحت عنوان "ليس دفاعاً عن مقتدى الصدر" استبشارا بخطوة التيار الصدري ليس في مطالبه بسحب الثقة من المالكي وإنما في جرأة اتخاذ القرار السليم والخروج من التخندقات الطائفية التي خنقت العملية السياسية وجعلتها مقيمة في غرفة الإنعاش والطوارئ.
وقبل أن يجف حبر العمود أعلن التيار الصدري أن الأزمة قد انتهت وان ساعة البناء والإصلاح قد دقت! ولا اعتقد أن عراقيا لا يفرحه أن تدق ساعة البناء والإعمار، وأن نتجاوز الأزمة وننطلق مثل شعوب الكون المتحضرة إلى المستقبل الذي كدنا ننساه! إن تراجع التيار الصدري عن موقفه تجاه هذه القضية وعن قسم السيد مقتدى الصدر في أن سحب الثقة قرار "عراقي الاهي" وانه يرضي الله.. كان من المفترض بالتيار الذي عودنا على وضوح مواقفه أن يقول على الأقل لجمهوره الواسع عمّا حصل لكي يتحول التيار من أشد المطالبين بسحب الثقة إلى القبول بوعود إصلاحية، وان لم يكن كذلك فلنقل بصفقة عن ولاية المالكي الثالثة أو غيرها من التي لا نعرف عنها شيئا، لكن من حقنا ومن حق جمهور التيار الصدري الواسع أن نعرف حقيقة ما جرى وأعتقد شخصيا أن السيد مقتدى الصدر الذي عودنا على مواقفه الصريحة والجريئة لن يتردد في الإعلان عن حقيقة ما جرى!وحتى نعرف الحقيقة من حقنا أن نسأل:هل حصل كل هذا الهرج والمرج لسحب الثقة من رئيس الوزراء لكي ينتهي بوعود غير واضحة المعالم وغير معلنة للجمهور؟ هل من حق هذه القوى السياسية أن تتلاعب بمستقبل البلاد بهذه الطريقة في التحولات الدراماتيكية، واقصد كافة القوى بما في ذلك دولة القانون، التي تبقي الشارع والمراقب في حيرة من أمرهم.أمس كان طارق الهاشمي صديقا ورفيقا ونائبا للرئيس واليوم إرهابيا وحاميا للقتلة ومطلوبا للقضاء..أمس كان المالكي دكتاتورا أو في طريقه إلى صناعة دكتاتورية جديدة ومهمشا للآخرين، واليوم أصبح يدق بيده جرس الإعمار والبناء..أمس كان النظام السوري قاتلا ومجرما بحق العراقيين واليوم تسعى الحكومة جاهدة لتخليصه من مأزق الثورة الشعبية التي في طريقها للإطاحة به..أمس كان مسعود بارزاني رفيق درب وقبان أمان وحلّالا لعقد السياسة العراقية ومساهما في الحفاظ على وحدة العراق، واليوم دكتاتورا وانفصاليا وحصان طروادة لأجندة أجنبية..وبين معادلة أمس واليوم الملتبسة سنبقى نجهل حقيقة قوانا السياسية، وسنتوقف كثيرا عند "مصداقيتها" ولن نذهب بعيدا معها، لأن احتمال عودتها إلى الخطوة الأولى أو استبدال الطريق يبقى قائما، وسننظر بريبة وشك للتصريحات الرنانة أمام الفضائيات لأننا نعرف أن شيئا مختلفا يطبخ في الخفاء بعيدا عن أنظارنا وسمعنا ووعينا واحترام هذه القوى لوجودنا!نقول للقوى التي تركن المواطن على دكة الاحتياط إن لا شيء يمكن أن يتحسن دون يد المواطن لا الأمن ولا البناء والإعمار ولا الكراسي، وان نظرية الاعتماد على المواطن ورقةَ انتخابية ورقماً في سجلات الحصول على الكراس لن تصمد كثيرا أمام الواقع القادم..انتظروا فقط!!
كتابة على الحيطان: التيار الصدري و"نهاية" الأزمة؟
نشر في: 8 يوليو, 2012: 07:25 م