كاظم الدجيليانا نحيي للفريكة شاعرارويت قصائده بكل مكانبتحية طابت شذا فكأنما
هبت نسائمها من الريحانسيداتي وسادتي!تحتفل مكتبة السلام اليوم بالاستاذ الريحاني شاعر الفريكة وتحية لجنتها بتحية ازهى من ميعة الشباب والذ من سكره، وابهى من الاقبال بعد الجفاء والشفاء بعد عقم الداء بتحية ابهج من النهر الرقيق ماؤه، المصقولة حصباؤه، المخضرة جنباته، قد نسج على مائه النسيم العليل البليل درعا من الفضة فانساب يمتعج بها في دهس الرمل الى السهل تمعج افعوان يتثنى غير مذعور.بتحية تحكي الغنى يحويه محتاج فقير!او كالفكاك ينالهمن بعد ما يأس اسير!سيداتي سادتي!الريحاني اديب من ادباء القرن العشرين في الشرق بل في الغرب ايضا، فلا غرو اذا احتفل به اليوم الشرق والغرب معا. الريحاني شاعر شرقي وفيسلوف غربي، توفرت فيه سرعة الخاطرة واناة الافتكار، اخذ عن الشرقيين شاعريته وعن الغربيين فلسفته، ومزجها مزج الصهباء بالماء فابرزهما للملأ صورة جميلة تسر الناظرين لاشرقية ولا غربية.الريحاني شرقي تربى في بين الغربيين واكتسب من تعاليمهم فتغيرت مادته ولم تتغير معانيه، فهو شرقي المعنى غربي المادة يعرف الحاذق منه ذلك اذا جالسه او قرأ من قصائده المنثورة او المنظومة فصلا.نشأ الريحاني في امريكة صغيرا وتعلم فيها كبيرا، فاخذ الحكم من جواهرها والاداب من معادنها، وشب ساعيا وجد محصلا فبرز راموزا للعبقرية والنبوغ تكلم الطبيعة به احياءها قائلة:ولم اجد الانسان الاّ ابن سعيهفمن كان اسعى كان بالمجد اجدرارأى الريحاني بعد تضلعه من علوم الغربيين وادابهم ان فريقا منهم ينكر على العرب فلسفتهم ولا يعترف باهليتهم للنبوغ ولا بوجود العبقرية فيهم فثارت به النخوة الشرقية والغيرة العربية فترجم رباعيات المعري شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء بلغتهم شعرا، وارسلها اليوم مثلا اعلى من امثالهم السائرة، وقولا كاد ينسى اقوالهم المتقدمة، فرأوا فيها شعلة نار بل نور، وحكمة رائعة نظمت قوافيها في سلك بلغ من المتانة والرقة ما لا تبلغه قوى سلك الكهرباء ودقته.قواف كالكواكب في بروجيضيء بها اذا جن الظلام!وتقتصر عن مداها الريح جرياوتعجز عن مواقعها السهام!تناهب حسنها حاد وشاد فحث بها المطايا والمدام!الريحاني كاتب رقيق الحاشية رشيق الديباجة بديع الاسلوب، اذا كتب اودع كتاباته من الشعر روحه ومعناه ومن النثر مادته وتركيبه، يراعي دائما ما يكتبه المقاصد والمعاني ولايلتفت الى الالفاظ والمباني، فكان كلامه لخفيفي الارواح شعرا ولبطاء الاذهان نثرا.سعى الريحاني منذ عشرين سنة ونيف وهو وراء البحار وفي اقصى الغرب السعي الحثيث في بث تعاليمه، التي يقصد بها من الشرقيين النزوع الى ترك القديم البالي واكتساب الجديد النامي، الذي يروق العين منظره ويلذ للفم مطعمه وينعش الارواح شميمه وينمى الاجسام غذاؤه فارتاح لتلك التعاليم نبهاء الشرق واكبرها مفكرو الغرب.الريحاني مصلح اجتماعي ومهذب اخلاقي يدعو الناس جمعاء الى حب الانسانية، وينشر بالسلام على الارض ويحض على انعاش البشرية المتألمة وتخليصها من تعذيب المستبدين وعبث المفسدين.اذا عد مجددو الادب العربي في القرن العشرين عد الريحاني في طليعتهم اذ هو رسول الفكرة الجديدة القائلة بتبديل اسلوب الشعر القديم بنمط حديث غض يجمع بين سلاسة التركيب وسهولة التعبير، غير مقيد بسجع ولا قافية، ولامحتاج الى تكلف واعتساف، وهذا مايسمونه بالشعر المنثور والمرسل.انا ان اطره فاني اطريادبا وافرا وعلما عباباونهى ينظر الغيوب شهودافكان قد كشفت غنها الحجاباهذه كتبه تدل عليه ان فيها للسائلين جوابايجد الراسخون في العلم فيهاحكمة تبهر العقول صواباانشأتها افكاره بيراعكم وكم حل مشكلات صعابافي اساليب لاترى قط فيهاحين تتلى اطالة واقتضابايفهم السوقة المقاصد منهاوينال الملوك منها الطلاباايها الزائر الكريم! اذا عدت الى امريكة بلاد العلم والنور، والحرية والسلام وجلست على شاطئ البحر الاطلانطيكي في غسق الليل المظلم مطالعا بنور علمك مادونته في ذاكرتك من غث الشرق وسمينه فألق على العرب وابنائهم نظرة حكيم محب للانسانية ساع لخير البشرية، لاتجذبه الاهواء ولاتتغلب عليه العواطف، وصف لقروحهم المترهلة مكواة يداوون بها عرهم، ويحرقون بحرارتها جراثيمهم.لعل قلوبا "طوّل الجهل سقمها" ستظفر منكم بالشفاء وتثلج!وحييت ايها الزائر الكريم عدد النجم والحصى والرمال!!مجلة لغة العرب 1923
شاعر الفريكة
نشر في: 16 أكتوبر, 2009: 03:59 م