TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل يؤمن الرجل بقضية المرأة؟!

هل يؤمن الرجل بقضية المرأة؟!

نشر في: 8 يوليو, 2012: 07:48 م

سليمة قاسم فأجاني أحد معارفي الذي رأيته صدفة، وهو يحدثني عن انطباعاته عن الندوة التي نظمتها إحدى منظمات المجتمع المدني للتعريف بحقوق المرأة العراقية التي شهدت تدنياً واضحاً منذ ثمانينات القرن الماضي بعد الحرية النسبية التي حصلت عليها في السنوات التي سبقتها ، ولو لم أكن أعرف الشيء الكثير عن حياة قريبي الشخصية لما كنت أتفاجأ بذلك، ولكان حضوره الندوة وآراؤه فيها أمراً عادياً ومقبولاً.
كانت المرأة في نظر ذلك الرجل ممثلة بزوجته عبارة عن آلة تفريخ وكل ما تعنيه في حساباته: بيت مرتب ولقمة لذيذة وملابس نظيفة وأولاد هادئون، دون أن تجد الشكوى والتذمر طريقهما إليها، وإلا فسوف يقيم الدنيا ولا يقعدها حين لا يجد واحداً من أسباب راحته.أما زوجته المسكينة فقد حفظت جزئيات عملها اليومي عن ظهر قلب مصحوبة بابتسامة لا تفارق محياها حين يوبّخها عن فطوره الذي تأخر بضع دقائق أو عن حذائه الذي لم تلمعه بالطريقة الصحيحة. ورغم قلة الحالات التي كانت  زوجته تنتفض فيها ضد وضعها ذاك، إلا أن آثارها تكون واضحة للعيان في اليوم التالي بكدمات وخطوط زرقاء تملأ وجهها ، فلغة الحوار لا تجد طريقها إليه، فيلجأ إلى ذراعه ليقوم بالمطلوب!إذاً دعوني أتساءل أنا وإياكم ما الذي يفعله رجل مثله في ذلك المكان، هل يريد مثلا أن يتعلم كيف يعامل زوجته بعد أربعين عاما من الزواج، أو يكفّر عن ذنوبه في ما يفعله بها، هل سيتخلى عن واحدة من وجباته اللذيذة ليدعها تستريح أو يلمّع حذاءه بدلا عنها؟!أرجو أن لا يفهم من كلامي هذا أنني ضد عقد مثل هذه الندوات التي تعرّف بحقوق المرأة التي غبنت من المجتمع والحكومة، بل مع إقامتها وبصورة دائمية لما لها من تأثير كبير كحجر يلقى في بحيرة ساكنة، ولست ضد الرجل أيضا، فالمرأة لا تستطيع أن تنال شيئا من حقوقها العادلة من دون وجود رجال يساندونها بقضيتها،  لكنني ضد أن يحضرالندوة أمثال قريبي ممن لا يومنون بحرية المرأة فما جدوى حضورهم  الندوة التي تناقش قضايا لا يؤمنون بها أصلا.     وقد كتبت قبل مدة في جريدة العالم مقالا بعنوان (هل يلتزم كتابنا بما يكتبون) تحدثت فيه عن البعض من الكتاب ممن يناقضون أنفسهم حين يكتبون عن حرية المرأة ولكنهم لا يطبقون ما يكتبون، تلقيت وقتها الكثير من التعليقات الجارحة من رجال ادّعوا أن المرأة هي الأخرى لا تطبق ما تكتبه.حاولت أن أشرح حينها وجهة نظري ، فشخصية الرجل بصورة عامة تستطيع أن تحكم عليها من خلال قريباته من النساء، سواء الزوجة أو الأخت أو الأم .وقيل قديما إن درجة رقي أي مجتمع نستطيع أن نتلمسها من خلال وضع  المرأة في ذلك المجتمع ،وإن الرجل المثقف تكون مسؤوليته مضاعفة كونه العين التي تسلط الضوء على ما يحدث في المجتمع من ظواهر سلبية ومنها قضايا المرأة،تمهيدا لمعالجتها بطرح الحلول المناسبة لها . وبعكسه فسيكون ذلك المثقف مجرد منظّر يطرح أفكارا دون أن يطبقها. إن حضور أمثال قريبي  ندوات كهذه لا تخدم قضية المرأة ، بل  تحد من أهميتها وتقلل منها وتجعل منها مجرد قضايا للنقاش دون محاولة تفعيلها على أرض الواقع ، وأنا أوجه دعوة لمنظمات المجتمع المدني  لاسيما النسوية منها أن تختار شخصيات تؤمن بقضايا  المرأة فعلا بعيدا عن التشدق بشعارات فارغة لا تبقي ولا تذر، ودعوة إلى قريبي وأمثاله  أن لا يحضروا ندوات مشابهة في الأيام القادمة.مادامت لا تحرّك فيهم ساكنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram