حازم مبيضين فجأةً استيقظ ضمير قناة الجزيرة الفضائية, فقررت نبش قبر الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات, بعد مرور ثمانية أعوام على موته الغامض, وبحيث تم منذ ذلك الوقت اتهام إسرائيل باغتياله, بعد صموده الأسطوري محاصراً في المقاطعة, وممنوعاً عليه أبسط مقومات الحياة, وكان مطلوباً منه فقط, أن يتوقف عن قول ( لا ), في مواجهة المخططات الصهيونية, لابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين تدريجياً, وكان امتحانه عسيراً, لكنه بإرادة الثوار وعزيمتهم, ثابر على المناداة بحق شعبه,
في إقامة دولته المستقلة على أرض وطنه.من واجب كل فلسطيني البحث عن قتلة عرفات, غير أن التوقيت المشبوه الذي اختارته الجزيرة, بعد أن نصبت نفسها قائدة للربيع العربي, وموجهة له, هو ما يثير التساؤل, حول ما بعد هذه القنبلة الصوتية, التي انفجرت في حضن السلطة الفلسطينية, المثقلة أصلا بأعباء التفاوض مع حكومة اليمين الصهيوني, وهل يعني ذلك أنه حان أوان التخلص من المشروع الوطني, الذي تتبناه السلطة وحركة فتح, لصالح المشروع الغامض لحركة حماس, المنتشية بانتصارات الإخوان في ليبيا ومصر وتونس, والتي تبحث عن أبعاد دورها المأمول في أكثر من عاصمة عربية, مستندة إلى تأييد قطري غير خاف على أحد, وبحيث يكتمل عقد الشرق الأوسط الإسلاموي بسيطرة حماس على كل الأرض الفلسطينية. يبدو أن حماس مهدت لدورها الجديد, بفك ارتباطها بما يسمى محور المقاومة والممانعة, وابتعادها عن دمشق وطهران, واستطراداً عن ضاحية بيروت الجنوبية, وهي تدرك سلفاً أن التخطيط قائم ومستمر, لوقف التدخل الإيراني في مجريات القضية الفلسطينية, ربما من خلال تصعيد أزمة برنامجها النووي, كما أنها ليست بعيدة عن التوتر الطائفي, الذي يطل برأسه في لبنان, توطئةً لنزع سلاح حزب الله, وخلق ما يعادله على الساحة السنية, إن بحزب أصولي جديد, أو بالنفخ في الجسد الهش لتيار المستقبل, باعتباره ممثلاً للطائفة السنية, وفي الأثناء يتم التناغم مع حراك حماس هذا, بمزيد من الضغوط على السلطة الفلسطينية, تارة بتجفيف مصادرها المالية, وأخرى بالوقف التام للعملية التفاوضية, التي باتت مبرر وجودها واستمرارها. لا يمكن التعامل مع ما بثته الجزيرة, على أنه سبق في الصحافة الاستقصائية, فالمؤكد أنه جزء من سيناريو, تشترك فيه أكثر من عاصمة على رأسها تل ابيب, وهو يعتمد على الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية, وهي أوضاع لا ترضي السلطة نفسها, وإن جاز لنا أن نركن إلى حسن النوايا, فنفترض أن قيادة حماس ليست منخرطة في هذا المخطط, الذي يهدف في آخر الأمر إلى شطب نضالات الشعب الفلسطيني, ومحو أسماء الشهداء الذين سقطوا على طريق التحرير والعودة, فإن ذلك يدفعنا إلى السؤال عن موقفها من هكذا سيناريو, بعيداً عن بعض المكاسب الحزبية. قميص عثمان الذي ترفعه الجزيرة اليوم, على أسنة رماح الإخوان المسلمين وسيوفهم, لن يقود إلا لمعارك جانبية, تدفع القضية الوطنية إلى الخلف, وتعطي لإسرائيل هامشاً واسعاً للتحرك, وافتراس ما تبقى من أرض فلسطين, في حين يتلهى الفلسطينيون بافتراس بعضهم بعضاً.
في الحدث:الجزيرة واستشهاد عرفات.. التوقيت المشبوه
نشر في: 8 يوليو, 2012: 08:16 م