علي حسينبعد ست سنوات على تولي السيد نوري المالكي رئاسة الوزراء اكتشف السادة في التحالف الوطني أننا بحاجة الى إصلاح وان هذا الإصلاح سيشمل جميع "المرافق" على حد تعبير النائب علي الشلاه الذي بشرنا بان "الإصلاح سيكون شاملا ومهنيا"... هكذا إذن اكتشفنا أن السنوات التي مضت من اعمارنا كانت مجرد بروفة سياسية كي يتمكن السيد الشلاه ومعه عدد من " المصلحين " على وضعنا على الـ "سكة" التي ستسير بنا نحو الرفاهية والازدهار والاستقرار..
الحديث عن الإصلاح واللجنة التي شكلها التحالف الوطني والكلام بشأن التنازلات التي ستقدم للأطراف الأخرى هو حق يراد به باطل أو يمكن اعتباره نوعا من التغطية على أزمة قائمة أصلا بين جميع الأطراف، لذلك كان مضحكا أن يتحدث النائب علي الشلاه قائلا: "الورقة التي أعدها التحالف الوطني والخاصة بإجراء الإصلاحات ستشمل جميع المرافق في الدولة، من بينها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والهيئات المستقلة، كما سيشمل المحافظات والأقاليم"، ليبشرنا في النهاية بأن مشروع سحب الثقة فشل. هكذا اذن يريدنا السيد الشلاه ان نواصل وبدون فواصل متابعة مسرحية ركيكة التأليف والإخراج والأداء تحت عنوان المصالحة الوطنية والتوافق والشراكة، في الوقت الذي تجري عملية حرق لكل مقومات الدولة.ولان جميع أعضاء لجنة الإصلاح بشرونا بان الدنيا ستكون "ربيع" والجو "بديع" بعد أن يلتزم جميع العراقيين بوصايا اللجنة فاقترح على اللجنة الموقرة ان تصدر كتاباً تتناول فيه موضوعة الاصلاح من الألف الى الياء، واتمنى ان يكون عنوان الكتاب "كيف تقضي على الفساد في سبعة ايام" وان يكتب له المقدمة النائب عباس البياتي الذي اكتشفنا متأخرا انه خبير ملاحي حين اطلق امس احدى قذائفه الكلامية صوب ميناء مبارك معتبرا إياه لطيفا ووديعا ولم ولن يؤثر على العراق.. المقدمة نريدها ان تتضمن ديباجة تؤكد أن السادة أعضاء اللجنة تسلموا تركة ثقيلة، وأن الأوضاع غاية في السوء والصورة في منتهى القتامة، على نحو تسيل له دموع كل من يقرأ السطور الاولى إشفاقا على الجهد الكبير الذي لعبه البياتي ورفاقه، والذين حملوا أمانة تنوء بحملها الجبال. وأتمنى ألاّ يغادر الكتاب موضوعة المرافق التي اكتشفها السيد الشلاه والتي اعتقد أنها انجاز سيضاف إلى سلسلة الانجازات التي قدمها للشعب بدءا من مهرجان بابل وانتهاء بالتصفيق الحار للفنانة مادلين مطر. باختصار نريد من الكتاب ان يقدم لنا العصر الإصلاحي كاملا وان يقنع العراقيين بأنهم يعيشون في جنة على الأرض. هل أبدو للسياسيين كاتبا يركز على سفاسف الأمور ويبتعد عن جوهرها؟ ممكن، فأنا أفتخر بالانتماء إلى الملايين من أبناء هذا الشعب ممن يمتلكون نظرة خاصة لما يجري حولهم من نهب لثروات البلاد وتخريب لاقتصادها وتعليمها وثقافتها ومدنيتها، فيما الساسة مصرون على ملء الفضائيات، صخبا وضجيجا مطالبين الناسب أن تسبح بحمدهم لأنهم وجدوا طريق الخلاص للازمة العراقية من خلال غلق أبواب البرلمان وتعطيله. تصريحات السادة اعضاء لجنة الإصلاح تضعنا اليوم كعراقيين أمام تحدٍ كبير من اجل الخروج من عالم الطفيلية السياسية إلى عالم الديمقراطية وتنافس الأفكار والرؤى، ولكي نؤسس لديمقراطية حقيقية لابد من مناقشة البدائية السياسية التي يتمسك بها بعض السياسيين ونسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، فهناك فرق بين بناء دولة تحمي وتصون حقوق المواطن وتسعى للسير بالوطن إلى آفاق التقدم والتحضر والازدهار، وبين سياسيين يرفعون شعارات كوميدية يريدون من خلالها ان يوهموا الناس بأنهم حريصون على مصالح العراق ومستقبل أبنائه،وقبل ان يأخذنا حديث "المرافق" دعونا نتساءل لماذا الآن بدأ الشلاه ومن معه يقولون شعرا في الاصلاح واستقلال القضاء والهيئات المستقلة، فما نعلمه جميعا أن الهيئات المستقلة هي نفسها التي يصر المالكي على الاستحواذ عليها، والمطلوب فقط هو رفع اليد عنها دون الدخول في مؤتمر، وان نجنب الناس عناء سماع خطب عباس البياتي، لكن يبدو أن البعض يرى ان العراقيين بلا ذاكرة ولا يجد ضررا في ان يمارس معهم لعبة الدجل السياسي، مادامت الأمور في النهاية تصب في خدمة "المرافق" أيا كانت أنواعها وأشكالها.
العمود الثامن:لا بأس مع "المرافق"
نشر في: 8 يوليو, 2012: 08:56 م