اصافحه والقلب في يدياحييه والروح على لسانياكبره وكلي كلمة الاكباراقف امامه فتنكشف اماميه اعاجيب الزمانانظر اليه فتنظر منه اليّ ربات الاقاليم
المس ردنه فيرتعش جسمي، ثم ينتعش، ثم يهتز ابتهاجا، ولاعجب وهو كثير الاطوار غريبها.يكلل رأسه السنديان ويجثو عند قدميه النخيل، تقيم له الجبال الهياكل، وتنبسط لقدومه السهول، يقبل الثلج فمه، وتقبل الرمال اعطافه، وتمتزج انفاسه بالخليج والبحار.له كلمة تخيف وله كلمة تثير، وله اخرى تحيي وتميت.وهو يسير في سبيله هادئا مطمئنا.يولي وجهه تارة الغرب وطور الشرق، ولكنه ثابت. مستقيم في الحالتين.يحمل الخير من الشمال الى الجنوب.من اقليم الى اقليم يجيء بفيضه، ويتحول غربا وشرقا لتعم بركاته البلاد. تقول له الجبال: اقرأ السهول سلامنا ويقول هو للسهول: اقرأي سلامي قحطان ومضر.هو رب العراق وهو حياته الخالدة.عينه عين الدهر، ولسانه لسان الزمان، وحافظته حافظة الخالد من الاكوان.قد شاهد من الممالك ماقام منها بالسيف، وماقام منها بكلمة سحر حلال، وماقام منها بالعلم والفنون.تلألأت على ضفافه انوار السرور والاهواء وجرت في ظلال نخيله مواكب العزة والمجد – الى حين.ثم انطفأت الانوار، ودرست القصور، واضمحلت آثار العظمة كلها- الى حين.وظل هو سائرا في سبيله هادئا مطمئنا.هو رب العراق، هو حياته الخالدة.كلمة سحرية اوجدت في ارضه التوحيد وبعثت من فيافيه صدى التكبير والتمجيد. كلمة سحرية استعادت من بابل علمها، ومن اشور مجدها واستعربت من اداب ايران وكللت الثلاثة بالسامي من الايمان.كلمة سحرية كلمة الاسلام، احيت دار السلام.فنشأت فيها معاهد العلم والفنون، ونبغ الشعراء والمولدون، وظهر من الحكمة والادب كل كنز مكنون.ومرحت في ظلال غرائبها العبقرية وشقيقتاها الخيال والمجون.كلمة سحرية نشأت بعدها (الليالي العربية) التي اصبحت للامم جمعاء.بل هي (الليالي البشرية، بنات العبقرية العربية.بل ليالي النفس التي ينعشها ابدا الخيال وتحييها ابدا الامال.لله انت يابغداد الرشيد، فلا يزال ذكرك يعطر ارجاء الاداب الغربية.لله انت يابغداد المأمون، فلا يزال نورك يشع بين انوار العلوم البشرية.لله انت ماكان اقصر يوم الحكمة فيك، وماكان اقصر ليالي السرور، وكل عزيز قصير الاجل. كل عزيز مطمح الصائلين والطغاة.سقطت بغداد، نهبت، دمرت، ضربت عليها الذلة، خيم فوقها الليل البهيم، فنامت نوم الاسير وهو يئن من وطأت الكابوس ثم نامت نوم المثقل جسمه بالمخدرات.ولكن الكارثة الاسيوية لم تغير مقدار ذرة في من هيكله في الجبال وعباده في السهول.فظل سائرا في سبيله هادئما مطمئنا.ان رب العراق، مثل آلهة الهند، ليتجسد من حين الى حين في بشر كريم. من حامورابي الى آشور بنويال الى نبوركد نصر، الى المنصور والرشيد والمأمون، هذه مراحل سعيدة ماشكا الا قصرها الزمان.ثم لبس الزمان الحداد، ودام الحداد الف سنة. ورب العراق يسير في سبيله هادئا مطمئنا.ارب العراق!جلست الى جانب طريقك، جلست يادجلة على شاطئك ونور القمر يلبس بغداد ثوبا من السحر، مؤنسا باهرا.جلست يادجلة على شاطئك ونور الشمس يكشف عما في بغداد اليوم من اشباح الحياة، وقديم المحزنات.جلست على شاطئك يادجلة، وظلمة الليل تحجب بغداد وتعطف عليها، فلا تخدعها كالقمر ولاتفضحها كالشمس. وسمعت اذ ذاك صوتا يقول: ليحيى قحطان، ليحيى العرب. وسمعت صوتا آخر: لتحيى المدنية، وليحيى كل من اشعل مصباحا من مصابيحها ان في الغرب، وان في الشرق.وصوتا ثالثا: اشد وقعا من الاثنين يشق يمينه الظلمات. ورب العراق! ان قلب العراق حي الى الابد.ورب العراق! ان روح العراق لتبعث اليوم من ضريحها القديم. ورب العراق! لقد قرب زمن التجسد الجديد.وسيتجسد كذلك في امة ناهضة كريمة، تضيف الى ذلك المجد، مجدا رفيعا جديدا.
رب العراق..قصيدة امين الريحاني
نشر في: 16 أكتوبر, 2009: 04:17 م