سامي عبد الحميد تقدم المسرحيات التجارية بهدف تسلية الجمهور الكبير وتقدم عادة في المسارح الكبيرة لتتسع إلى اكبر عدد من المتفرجين. اتسعت رقعة المسرح التجاري في أميركا على وجه الخصوص منذ القرن الماضي واحتل المركز الأول في الحقل.
وتعتمد المسرحيات التجارية على مصادر مختلفة ومنها الحياة اليومية، والطريق والنكات والحكايات ، ثم تحولت إلى الاقتباس عن المسرحيات الدرامية كما هو الحال مع (بيجماليون) لبرناردشو التي أصبحت (سيدتي الجميلة) و(قصة الحي الغربي)، التي تم اقتباسها عن (روميو وجولييت).ولغرض التنوع في أشكال المسرح التجاري لجأ أصحابه إلى (الكوميديا) كاتجاه رئيس في عروضه وعندما استنفدت جميع تقنيات الإضحاك ومصادر الضحك راح أصحابه يبحثون عن وسائل أخرى ووجودها في الاوبريت وفي المسرحيات الموسيقية، وأصبحت ( الكوميديا الموسيقية) ابرز أعمال المسرح التجاري ليس في أميركا وحسب بل وحتى في بعض البلدان الأوروبية وخصوصا لندن وباريس. وفي اليابان تحول المسرح التجاري وفي سبيل التنويع، إلى الماضي مبتعدا عن مشاكل الحاضر والأخلاقيات الحديثة كما هو الحال في ( مذكرات ايدو) و(شينغو ريجايا اوريكو) و(الفتاة المضحكة)، واضطر المسرحيون اليابانيون إلى إجراء تعديلات على المسرحيات التجارية الأولى كي يحافظوا على إقبال الجمهور على مشاهدتها، وبالطبع فقد كان رفع المستوى الفني لتلك المسرحيات من جملة تلك التعديلات. كما كان إشراك ممثلين مشهورين في عروض المسرح التجاري وسيلة أخرى لجذب أوسع الجماهير. يعتمد المسرح أساسا على نجوم التلفزيون والسينما ليكونوا إبطاله.في بلدنا هناك بوادر لإعادة المسرحيات التجارية حيث تعرض هذه الأيام ثلاث مسرحيات من هذا النوع في ثلاثة مسارح، ويقبل على مشاهدتها جمهور غفير ما دفع أصحابها إلى رفع أثمان التذاكر إلى درجة لا تتناسب مع قيمة الأعمال التي تقدم ومستواها الفني والفكري. نعم المسرح التجاري مطلوب في هذه الأيام، حيث ليست هنالك وسائل تسلية للجمهور وخصوصا بعد غياب دور السينما تماماً. ولكن المفروض ألا يبدأ الأصحاب الجدد للمسرح التجاري من أين انتهى أصحابه القدماء حيث الإسفاف والبذاءة والاستخفاف بعقوق المتفرجين، عليهم أن يفعلوا كما فعل اليابانيون وذلك بإجراء تعديلات ولنقل تحسينات على عروضه المسرحية، عليهم أن يختاروا نصوصا تنقل الظواهر السلبية في المجتمع بشكل معمق ولا يلجأوا إلى التسطيح والتبذل، عليهم أن يعتنوا بإخراج مسرحياتهم ولا يستسهلوا العميلة وتظل أعمالهم بالنتيجة مسطحة وساذجة، عليهم ألا يفكروا في إضحاك الناس على حساب القيم النبيلة والأخلاق الحميدة، عليهم ألا يسخروا من خلق البارئ عز وجل، عليهم ألا يشركوا كل من هب ودب في نتاجاتهم، عليهم ألا يسترخصوا وألا يقتروا في ميزانية الإنتاج، عليهم قبل هذا وذاك أن يحافظوا على السمعة الطيبة للفن المسرحي، وألا يسيئوا في تعاملهم مع العاملين من فنانين وفنيين إلى شرف المهنة، وأخيرا وآخرا أن يدعوا الجمهور المتزايد ينفر من أعمالهم ويدين تصرفاتهم الخارجة عن الياقة والحشمة.
كواليس :الكوميديا الموسيقية والمسرح التجاري
نشر في: 9 يوليو, 2012: 06:23 م