عامر القيسي أثارني رأي لاحد المواطنين قال فيه ان الناس تقبل من الذين يسرقون المال العام في دست السلطة والمسؤولين اعطاءهم 50% من ثروات البلاد ومنحهم الباقي، فشيء أحسن من لاشيء، ولاني عملت مديرا لمركز المدى لاستطلاعات الرأي العام، فقد استهوتني فكرة استطلاع شفاهي مصغر من دائرة الناس الذين اتعامل معهم.
زوجتي، هل توافقين على مثل هذا المقترح، أي " ففتي ففتي " فاجابتني مستاءة " سوده ابجههم.. اشدعوه بالنص " واردفت يائسة " هم ميخالف "، وأستطيع أن أقول دون مبالغة ان 90% من الذين استفتيتهم من عامة الناس وفقرائهم وافقوا فورا على الفكرة والـ10% كانوا من أصحاب الآراء " المتصلبة والمتطرفة " الذين رفضوا وطالبوا بكامل حقوقهم على اساس ان كل الثروات للشعب ولا يحق لاحد أن ياخذ نصفها تحت أي مسمى كان. ماهي دلالة هذه الآراء؟ دلالتها الوحيدة ان الناس فقدت الثقة بالحكومة وبوعودها وأنهم يئسوا تماما من الحصول على القليل القليل من حقوقهم بفضل حيتان ولصوص المال العام والكارثة ان الجماعة لايؤمنون بالحكمة الصدامية التي تقول " قليل دائم خير من كثير منقطع " والمنقطع هنا ليس المليارات الفلكية من الدولارات، التي كشفها لهم الاميركان، بل الكراسي والمناصب التي تزول وفقا للتحالفات والصراعات السياسية وشراء الذمم!أحد المستطلعين قال بحسرة لانستطيع الحصول حتى على 10% مادام الجماعة " هكذا سمّاهم نصا وروحا " حاميها حراميها خصوصا في ظل هيئة نزاهة ضعيفة ومعطلة وبرلمان يستمتع بجلسات الاستجواب الشكلية، مواصلا، لأننا لانرى المسؤول بعد ذلك، بل نسمع أخباره اما متنعما على كرسيه، وعلى عينك ياتاجر أو نطّلع على أخباره في عواصم الله الواسعة بعد أن يهرب أمامه الجمل بما حمل!فيما يقول آخر لاتستطيع الحكومة ان تفعل شيئا لهؤلاء اللصوص لانهم، حسب قناعته، محميون من مافيات أكبر من الحكومة وأقوى منها، فما ان يظهر ملف مليوني للفساد وترتفع الاوراق أمام شاشات الفضائيات حتى يخبو بريق الاكتشاف ويختفي في دهاليز سرّية!لاحظوا فقط الى أين وصلت قناعات الناس، ليس فقط في الحكومة والمسؤولين وانما في الغالبية العظمى من الاحزاب التي لاتكف عن تصديع رؤوسنا بشعارات حقوق المواطنين فيما تلجم السنتهم وبرامجهم المعلنة الصفقات السرّية المريبة!حتى المطالبات بنسبة 25% من واردات النفط بعد سد العجز في الميزانية طواها النسيان، شأنها شأن أي فورات في اطار التجاذبات السياسية، حتى ان أحد المواطنين علق قائلا لي، ياأخي لانريد ال50% ولا 25% نريد نصف الحصة التموينية، وتساءل هل هذا مستحيل؟ في ظل المشهد الحالي لاجديد تحت الشمس كما يقول الانكليز.. والله أعلم!
كتابة على الحيطان :50% للحرامية مقبولة شعبيا!
نشر في: 9 يوليو, 2012: 07:17 م