TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > امين الريحاني في ذكرى رحيله

امين الريحاني في ذكرى رحيله

نشر في: 16 أكتوبر, 2009: 04:25 م

* رائد الشعر المنثور وادب الرحلات لم تنجب الامة العربية بعده فيلسوفا ورحالة ومؤرخا وكاتبا ساخرا بمستواهحارث طه الراوي واذا كان الريحاني فاتحا ورائدا في الشعر المنثور قبل جبران خليل جبران تشهد على ذلك ريحانياته التي عطرت الادب العربي منذ بداية القرن العشرين فانه والحق يقال يعد رائدا بادب الرحلات في ادبنا العربي وماكتبه (ملوك العرب) وقلب لبنان والمغرب الاقصى الا الشاهد القوي على هذه الناحية التي تفرد بها امين الريحاني بين الرحالين العرب في كل العصور
فهو في هذه الكتب الثرية بالوثائق والغنية بالاسلوب التصويري الدقيق الساخر احيانا والمشتفق احيانا والداعي الى تجاوز التخلف في كل الاحيان بصراحة اصحاب المواقف الثابتة من الرجال الرجال..وكنت اتصور ان الرجل قد ربح ماديا من كتابه الرائع الفريد (ملوك العرب) الى ان قرأت رسالته التي ارسلها الى صديقه المرحوم احمد زكي باشا سنة 1925 التي جاء فيها:اما ملوك العرب، ياصاحب الجلالة الحقيقية والعظمة العلمية، فالكتب لاتهمهم، وقلما يهمهم عاش المؤلف ام مات.على اني سمعت فيصلا الاول بن الحسين غير راضٍ عما كتبت تخليدا لذكراه، وان الكتاب ممنوع في العراق، وهو ممنوع كذلك في لحج ومرغوب عنه في اليمن، ماذا يهمني وقد استهوى صديقي زكي باشا واستغواه.اما نظرة الريحاني الى الاستعمار فقد مرت بمرحلتين بالنسبة الى الاستعمار الفرنسي في المرحلة الاولى كان يقول: وغدا يحارب الجنود الفرنسيون في بلادنا ليحرروها، غدا يضحون حياتهم من اجل الحرية حريتنا!!وكان يجمل بالريحاني ان يكون بعيد النظر فيرى بعين بصيرته ما يستدفعه وطنه المبتلى بالمحتل العثماني (للمحرر) الفرنسي المحتل الجائر الجديد، فالاجنبي لا يضحي بحياته من اجل حرية غيره لوجه الله من غير ثمن، وما الثمن الا انتقال الحرية والاستقلال من بين مخالب الاجنبي المحتل السلف الى مخالب الاجنبي المحتل الخلف و..ولما ادرك الريحاني هذه الحقيقة المرة بكل ابعادها دفعه ضميره الوطني الى النضال ضد المحتلين الفرنسيين الجدد وقال:هوذا الانتداب وربقته امام عيوننا وغدا تصير في رقاب ابنائنا.. هوذا الانتداب ونيره الثقيل علينا كلنا اجمعين على تدمر ودمشق وعلى الارز وصنين فهل نظل ابدا منقسمين متنابذين متخاذلين؟ وهل نداوي ادواءنا القومية بالبكاء والانين؟ وهل يجب علينا ان نسهل لابنائنا في الاقل سبل الجهاد لانقاذ البلاد وتحريرها من الاستعباد؟ ولسنا وحدنا في هذه المحنة الكبرى لسنا وحدنا سائرين الى الاستعباد فالمصري والفلسطيني والعراقي يشكون ما نشكوه ويئنون مما نئن.وكان خطاب (الريحاني) بين عهدين اعنف خطاب للريحاني ضد الانتداب الفرنسي وكان قد القاه سنة 1933 ومما قاله فيه:(..من عهد عبدالحميد الى عهد الفرنسيين المجيد؟.. من عهد عبدالحميد الى عهد ده مارتل السعيد فهل تقدمنا؟. كان عندنا حانات وخانات، فصار عندنا مرابع و(ارتيستات) كان عندنا كازينو واحد للقمار (بصوفر) فصار عندنا كازينات وحلقات سباق للخيل والبنات، كان عندنا حمير وبغال وعربات موفقة في اشغالها فصار عندنا حمير وبغال لاعمل لها ولا امل وخيل تستخدم لابتزاز اموال الناس.وعلى اثر هذا الخطاب الناري نفي الى خارج لبنان فآثر ان يكون (العراق) منفاه..ولما كنت امتلك بعض الوثائق الادبية والتاريخية الهامة عن هذا النفي فسأكتب مقالا خاصا عن تفاصيله المؤلمة والمشرفة لاهز بها القارئ العربي..اما بالنسبة للاستعمار البريطاني فلم يكن موقفه منه بهذه الصلابة حتى ان ملاينته للانكليز فتحت باب الاقاويل والتأويلات عليه.وعلى اي حالة فان الرجل اظهر سخطه الملتهب على كل استعمار بلا استثناء في وصيته الرائعة التي كتبها في اوائل سبتمبر سنة 1931 والتي جاء فيها:1-ان حق الشعوب في تقرير مصيرها لحق مقدس فاوصيكم بالجهاد في سبيله اينما كان.2-ان الامة الصغيرة وهي على حق لاعظم من الامة الكبيرة وهي على باطل.3-الامة القوية الحرة لاتستحق حريتها وقوتها مازال في العالم امم مستضعفة مقيدة.4-لاتبلغ الانسانية اعلى درجات الرقي مازال نصفها مستعبدا، واعلموا ان الاستعباد الاقتصادي في البلدان المستقلة الغنية هو شر من الاستعبادين السياسي والاقتصادي في البلاد التي لاتزال تحت سيطرة الاجانب، اوصيكم بمحاربة الاستعباد اينما كان وكيفما كان.5-الانتداب كما حدده وودرو ولسون الاميركي الخالد هو معقول مقبول ولكنه عمليا مكروه مرذول، انه اخبت من الاستعمار فاوصيكم بجهاده حتى ينتهي.وها نحن بعد مضي 64 سنة على رحيل الريحاني عن هذا العالم نتساءل: ماذا بقي من (الريحاني) وماذا سيبقى للمستقبل منه؟ والجواب الصحيح، من الملم الماما شاملا ودقيقا باثار الرجل بانه قد بقي كله وسيبقى اكثره للاجيال لان ادبه مرتبط بالحاضر وبالمستقبل وسيبقى بمواهبه العظيمة وصراحته النادرة اعظم رحّالة عند العرب وليس هذا بقليل.مجلة الحوادث اللبنانية 2004

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram