TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > حرف علّة :المدى محجبة.. المدى سافرة

حرف علّة :المدى محجبة.. المدى سافرة

نشر في: 9 يوليو, 2012: 07:52 م

 عواد ناصر لأسبوعين أو أكثر كانت "المدى" محجبة، أو هي "حُجبتْ" وأرادوها كذلك. افتح موقع "المدى" فأجدها محجبة. الحجاب على المرأة يلغي شخصيتها، فلا تعرف هل جميلة، مسنة، مراهقة، جريئة، حيية، وقحة؟ في صور فوتوغرافية لنساء محجبات، على الإنترنت، لم يتعرف الزوج الذي يصور تلكم النساء، أياً منهن زوجته، أو أمّه، أخته؟ هل هناك أكثر قسوة من هذا الإلغاء/ المحو المتعمد للشخصية؟
المثير للضحك هو أن المصور (لا بد أن يكون محرما) طلب إليهن أن يبتسمن: Chees!فابتسمن، طبعاً، تحت الحجاب.. لكن الصورة ظهرت بلا Chees!لا جبنة ثمة بل زيتونة سوداء بلا أبعاد ولا مشاعر.كانت "المدى" طيلة أكثر من أسبوعين رهن الحجاب في عملية "حجب" مقصودة، ولم أعرف أن ثمة صحيفة عربية تعرضت لمثل هذا الحجاب حتى في غرف نوم ابن لادن! مثلما لـ "المدى" أصدقاء كثيرون فلها أعداء كثيرون أيضاً.أصدقاؤها يريدونها سافرة، ضاحكة، أسنانها بيض وشفتاها ريانتان وجبينها ناصع وشعرها أسود فاحم وعيناها كحيلتان، لأنها عراقية.أعداؤها يريدونها محجبة، مدلهمة، بلا شفتين ولا شعر ولا عينين مثيرتين للفتنة!تحجيب "المدى" تحجيب لنا جميعاً، حتى لو لم نكن من كتاب "المدى" أو أصدقائها، لأن الموقف من الحرية: حرية الظهور والتعبير والضحك والمشاكسة والنقد، موقف واحد: أما مع الحرية أو ضدها.. تحجيب صحيفة هو تحجيب حتى للمختلفين معها، فمن يضيق بمطبوع، بفكرة، برأي، فهو يضيق بأي فكرة أو رأي أو مطبوع سواء كان "المدى" أو غيرها.يعني: يمكن أن تتعرض أي صحيفة أو فكرة أو مطبوعة أو نكتة للحجب والتحجيب ما دام مبدأ الحجب والتحجيب قائماً، وعلى كل الصحف والمطبوعات العراقية، وحتى العربية، أن تتضامن مع "المدى" حتى لو لم تكن تتفق معها مع رسالتها وأسلوبها ومنهجها، لأن الدور سيأتي على الباقيات!قيل في المثل: لو حلقوا لحية غيرك فاسكب الماء على لحيتك.التحجيب سياسة تهدف إلى جعل جميع النساء مثل حبة الزيتون، بلاغياً، التي لا تمت للتعبير البشري بصلة، حتى لو كان لتلك الحبة جمالها الأخاذ وطعمها اللذيذ مع الـ Chees، عندما تبتسم النساء بلا حجاب، لأن حبة الزيتون غير محجبة!هل هناك أكثر بساطة وعرياً من حبة زيتون؟لو كان بيد "الجماعة" لحجبوا حتى حبة الزيتون لأنها بسيطة وعارية ولذيذة!و "الجماعة" لا أعرفهم، رغم أنني أعرفهم، لكنهم "التقنية الذكية" في أيدٍ غبية.يقول المفكر الأميركي، الممنوع حتى في أميركا (!) نعوم تشومسكي: " إذا كنت تؤمن بحرية التعبير فعليك أن تؤمن حتى بحرية التعبير التي لا تعجبك".متى نبلغ هذه الدرجة من احترام حرية التعبير؟أشياء كثيرة لا تعجبنا، نحن الكتّاب، في أفضل صحف العالم.. وأفضل صحف العالم لا تعجبها أشياء كثيرة فينا، نحن الكتاب.الجدل، هنا، هو سمة حضارية يختلف فيها الجميع مع الجميع، وهذه هي، حتى لو نظرياً، ما نتمرّن عليه لنخوض مباراة الديمقراطية بروح رياضية.ليست ثمة صحيفة في العالم هي جمهورية أفلاطون ولا يوتوبيا توماس مور ولا هايد بارك الملكة إليزابيث، فالأولى طردت الشعراء والثانية لعبت مع الملك بشروط الكنيسة والثالثة محكومة بقوانين "أن تقف على دكة أو كرسي لكي لا تحاسب على أنك تقف على أرض الملكة"!سعدت باستعادة "المدى" لموقعها على النت، لأنني استعدت قراءة كتابات أصدقاء مبدعين لن يتيسر لي قراءتهم خارج "المدى" مثلما افترض أن كلماتي التي أنشرها في "المدى" تحمل بعضاً من رسائلي إلى أصدقاء، أو غير أصدقاء، في وطني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram