عالية طالبنعتقد أن العبارة أعلاه تستخدم في كل المجالات، وتبدأ من البيت وتنتهي بأعلى تشكيل هرمي في سلم الحياة الدستورية، فغالبا ما تسأل الأم أولادها ان وجدت لديهم اي مبلغ مهما كان حجمه : من أين لك هذا؟ ولا تترك السؤال دون جواب حتى تصل إلى الحقيقة،
وعبر هذا المنطق التربوي والأخلاقي والشرعي والقانوني فأن من أبسط حقوقنا الشرعية محاسبة المسؤولين المؤتمنين على ثرواتنا للتأكد من أنها بأيد أمينة. ومن حق الشعب محاسبة ومحاكمة رؤوس الفساد الذين استحلوا ثرواتنا وخيراتنا لأنهم أمنوا العقوبة بلا سبب. وبما أن أكثر المسؤولين لدينا هم ممن ينتمون إلى أحزاب دينية إسلامية فأن عبارة "الساكت عن الحق شيطان أخرس" لابد أن يكونوا مؤمنين بها تماما ومنها ننطلق لنسأل هيئة النزاهة عن جدية ما صرحت به عن وجود آلية جديدة لمتابعة أرصدة المسؤولين والوزراء العراقيين الموجودة في الداخل والخارج والتي من المفترض أنها تشمل أيضا العقارات المسجلة باسمهم أو بأسماء أقربائهم حسب درجات النسب والمصاهرة. الأيام القليلة المنصرمة لم تصبنا بالوجوم بعد أن اعتدنا المفاجآت غير السارة وفضائح الفساد المالي والإداري التي بسبب تواتر الإفصاح عنها اصبحت سما يوميا يتجرعه المواطن وهو يتلقى في كل يوم أخبارا ومعلومات عن حجم ثروات المسؤولين العراقيين التي تعادل ثروات دول بأرقامها التصاعدية ، وما نشرته صحيفة [فيدريكو] الايطالية مؤخرا جاء تكميليا لما نشر في بعض الصحف الاميركية التي لوحت بأن لديها وثائق تشير الى حجم ارصدة هؤلاء "الوطنيين" الذين جاءتهم الثروات على طبق من سياسة وأحزاب وتكتلات ومناصب خدمت مصالحهم لا مصالح المواطن وركزت استثماراتهم لا استثمارات العراق المبتلى بهم. أرصدة مالية تتوزع ما بين سويسرا وألمانيا وايطاليا وتركيا بمليارات الدولارات وعقارات تشمل فنادق في تركيا وعمارات في الأردن و فلل موزعة في تركيا والأردن والإمارات وقطر والنمسا فضلا عن اسهم كبيرة بشركات نفط وشركات صناعات السيارات . هذا التعداد الغرائبي تناول شخصية برلمانية واحدة فما بالنا لو تم الكشف عن كامل الأرقام الأخرى لباقي المسؤولين العراقيين حيث تشير الأرقام الى ان حجم تلك الاموال يتجاوز 70 مليار دولار وبذات التوزيع الاستغلالي الذي ذكرناه!!وان كانت هيئة النزاهة تخضع لضغوط من هنا وهناك بسبب عملها في الكشف والتقصي فأن مسؤوليتها القانونية والشرعية والوطنية توجب عليها التحري الحقيقي ليس فقط بالكشف عن الذمة المالية للشخص المعني بل للمقربين منه ولأسرته وأقاربه والذين يتم توزيع الثروات عليهم للتمويه والتدليس والتهرب من المحاسبة، وهذا ما نأمل فعلا ان تعمل عليه لتصل فعلا إلى حقيقة مداخيل المسؤولين وثرواتهم قبل وبعد تسلمهم لمناصبهم وهل تؤدي رواتبهم وامتيازاتهم المالية التي يتحصلون عليها قانونيا إلى هذه الأرقام المذهلة، أم أن ثروات العراق مقدر لها أن تستمر منهوبة على يد النظام السابق وبعض مسؤولي الحاضر الذين نخشى أن نصل يوما إلى أن نقول الكل وليس البعض!!
وقفة: من أين لكم هذا !!
نشر في: 9 يوليو, 2012: 08:53 م