TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: حماقة "الاخوان"

أحاديث شفوية: حماقة "الاخوان"

نشر في: 9 يوليو, 2012: 09:16 م

 احمد المهنااولى كلماته محبة غامرة. وأول أفعاله أزمة طاحنة. ففي خطابه الرئاسي الأول حيا محمد مرسي المصريين، بلهجة عاطفية مفعمة بالحب. وبعد 15 يوما فقط من ذلك الخطاب، خضّ البلاد بهزة هي الأكبر التي تتعرض لها منذ نشوب الثورة مطلع 2011.
فقد نزل قراره ابطال حكم المحكمة الدستورية العليا، القاضي بالغاء البرلمان، مثل الصاعقة على مصر، ودوّت أصداؤه في مختلف أرجاء العالم. اذ ليس من المعهود في اي مكان من العالم أن يبدأ رئيس منتخب ولايته بانتهاك قانون صادر من أعلى سلطة قضائية في بلده، أحكامها نهائية، وملزمة لجميع سلطات الدولة. هذه سابقة أولى من نوعها في تاريخ الديمقراطيات.والهدف منها هو استعادة سلطة التشريع من المجلس العسكري الى البرلمان "الاخواني" المنحل. ولكن هل يعقل ان النهم الى السلطة يعمي الرئيس، ومن خلفه الحزب الجديد، و"الجماعة" القديمة، الى درجة انتهاك القانون، والدخول في صراع على السلطة مع القضاء، والقوات المسلحة، ومن خلفهما الأحزاب والقوى السياسية، وهيئات المجتمع المدني، ومؤسسات الإعلام والثقافة، المؤمنة في اغلبيتها الساحقة بحكم القانون؟انه لموقف عجيب ومحير فعلا. فلم يكن من المتوقع أن يضع الاخوان المسلمون أنفسهم، وصاحبهم، والبلد بأسره، في ورطة، وأزمة سياسية ودستورية، لا يمكن الخروج منها دون خسائر فادحة للجميع. كيف يستسهلون ادخال انفسهم وادخال البلاد بمثل هذا الصراع الضاري على السلطة؟ هل هذا وقته؟ ما المصلحة في تعميق أزمة ثقة تحيط بهم أصلا؟ ماذا عن أولويات البلد الملحة وعلى رأسها وقف تداعيات الفلتان الأمني والتدهور الاقتصادي؟ وماذا تعلموا من خبرة ثمانية عقود في السياسة؟ان القانون أساس الاستقرار الاجتماعي. وأي اضعاف لسلطته، او تهاون في تطبيق أحكامه، يشكل تهديدا لكل مظاهر الحياة في البلد، ولكل مؤسساته وأفراده وثرواته وأخلاقه. القانون "كبير" الأمة أو الدولة. حصن أرواحها وممتلكاتها وأخلاقها وحاضرها ومستقبلها. وما من دولة تفتقد الى "كبير"، لا يمس، هو القانون، الا وتكون دولة فاشلة.وهذا ما يفترض أن يكون "الاخوان" قد تعلموه وخبروه من معاناتهم الطويلة في مختلف العهود. فهم ذاقوا مرارات تغوّل الحكومات وتراجع هيبة القانون. وكانت الساحة السياسية طوال تاريخ مصر الحديث تضج بهم، أو تخلو منهم لتعج بهم السجون، تبعا لارتفاع أو انخفاض منسوب احترام الحرية وتقدير القانون. ولكن يبدو أن التجربة لا تغني عن الفكر. فالمعاناة من ضعف القانون لا تعلمك احترامه اذا كان فكرك يعمل أصلا خارج القانون.والمعروف أن فكر "الاخوان" عمل لوقت طويل خارج القانون في مراحل اعتمادهم مرجعيات كفّرت القانون نفسه، ورمت بالجاهلية المجتمع كله. فهل هناك ظل أو أثر من ذلك الفكر "التكفيري" وراء ارتكاب الرئيس هذه المخالفة الصريحة والصادمة للقانون؟ أم أن الأمر مجرد اختبار مغامر في اطار الصراع على السلطة؟ أم هو هذا وذاك؟تجربة الشهور الماضية أظهرت شهية عالية لدى الاخوان للاستحواذ على السلطات، كاملة غير منقوصة. وقرار مرسي اعادة البرلمان مثّل الذروة في هذا التطلع. وهو ينذر بأن الرجل، وجماعته المحظورة سابقا، لم يهضما بعد متطلبات السياسة العملية، ولا تعلّما الانحناء أمام  المسؤلية الجسيمة التي وضعت بين أيديهم رئاسة جمهورية مصر. لقد حولوا فرصتهم الثمينة الى نكسة شنيعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram