علي حسينلقصور في معارفي السياسية ولسوء النوايا التي احملها تجاه البرلمان فأنني للأسف لا أعرف على وجه الدقة من هو النائب جبار فريح؟ وأين تقع لجنة المصالحة البرلمانية؟ وما هي الأدوار التي تقوم بها والهموم التي تحملها على كاهلها؟ إلا أن مرض التصفح الالكتروني الذي أعانيه أنقذني من جهل مطبق وعرفت أن الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا منزعج وهو على فراش المرض
لأن التجربة العراقية في المصالحة الوطنية تفوقت على تجربة جنوب إفريقيا.. سيتصور البعض إنني امزح أو اخلط الجد بالهزل في محاولة للسخرية من ساستنا الأكارم.. لكن صدقوني هذا ما وقعت عليه عيناي في الخبر المنشور أمس على موقع شفق نيوز والذي جاء فيه: "قال عضو لجنة المصالحة النيابية جبار فريح أن "دول الربيع العربي تبدي اهتماما بالتجربة العراقية للمصالحة الوطنية، وأضاف أن هذه الدول كثيرا ما تسأل عن التجربة العراقية في موضوع المصالحة وتستفسر عن القوانين التي شرعت بخصوص هذا الموضوع، موضحا أن المصريين في زيارات متعددة للبرلمان العراقي يحاولون الاستفادة من التجربة العراقية، وأكد فريح: بعد اطلاعنا على تجارب المصالحة في البوسنة وجنوب إفريقيا تولدت لدينا قناعة أن تجربتنا أفضل من هذه التجارب، لأن التجربة البوسنية مختلفة تماما عن التجربة العراقية، إلا أن الجنوب افريقية متقاربة، مستدركا أن العراق استطاع أن يمضي بخطوات اكبر وبوقت اقل من التجربة الجنوب افريقية".طبعا لا اعرف على وجه الدقة ما هي تجربة السيد النائب في مجال المصالحة الوطنية، ولا أريد أن أحيله إلى كتاب العجوز مانديلا مسيرة نحو الحرية والعدالة فربما وقت الرجل ومشاغله وسفرياته والأهم الانجاز الذي حققه يجعله في غنى عن قراءة تجارب فاشلة وحاسدة للتجربة العراقية، التي كان أطرف ما فيها أن مستشار رئيس الوزراء عامر الخزاعي وبعد تقويم وتقييم للتجارب العالمية استطاع أن يحقق نقلة نوعية نقل فيها البلاد والعباد من "المصالحة ام طابقين" الى "المصالحة المستدامة" التي نرفل جميعا في خيراتها الوفيرة – مفخخات وعبوات ناسفة وكواتم وتهجير-.وحتى لا يساء الظن وتعتبرني الحكومة معارضا لمبدأ المصالحة، أسارع للقول بأنني مع أن تتصافى قلوب العراقيين جميعا ومع أن يمدوا أيديهم لبناء هذا الوطن، مع مبدأ التسامح، ولكن على طريقة مانديلا لا على طريقة عامر الخزاعي، وشتان مابين الطريقتين فالعجوز الجنوب إفريقي الذي قضى نصف عمره سجينا، حين حانت لحظة الثأر من سجانيه لم يفعل، وبدلاً من أن يدعو إلى الثأر ركز على التسامح، وبدلاً من أن يرقص رقصة المنتصر، تحدث بتواضع داعيا الجميع إلى فتح صفحة جديدة ترفع شعار التسامح والمحبة أولا وثانياً وثالثاً، أما ما يدور عندنا من جلسات سمر أطلق عليها مصالحة وطنية، لا تعدو كونها مسرحية كوميدية تتحول في بعض المناسبات إلى تراجيديا تدمع لها كل العيون، فكل سلوكيات سياسيين تؤكد انهم ابعد ما يكونون عن مفهوم المصالحة فلا يزال البعض يعتقد أن كل العراقيين الذين لم تسنح لهم فرصة الحصول على لجوء سياسي هم خونة ومن بقايا النظام السابق ويجب معاقبتهم لأنهم ارتضوا أن يعيشوا مع صدام تحت سماء واحدة، ولا تزال الحكومة ومقربوها يعتبرون كل من يوجه نقدا لأدائهم بانه من اعوان النظام السابق. لقد استغرقنا في برامج "الردح السياسي" وأصبحنا نشاهد وجوها غابت عنها ملامح الطيبة والتسامح والاهم المعرفة، وجوها تدعي بطولات زائفة وأكاذيب ملونة، حفظنا أصواتهم ووجوههم.. وضجرنا من تكرار أحاديثهم..ولا أستبعد امتدادا لهذا الخبر السعيد أن يكون السيد النائب قد قرر أن يرفع دعوى مستعجلة إلى الأمم المتحدة يطالب فيها بسحب جائزة نوبل من المسكين مانديلا لتمنح إلى من يستحقها وهو حتماً السيد المالكي، وربما قال له العجوز الجنوب أفريقي في جلسة سمر "لقد سرتُ في طريق المصالحة الطويل ولكنني لم أتصور إنكم ستقطعونه بهذه السرعة الفائقة". في واحدة من اجمل حكمه يعلمنا الفيلسوف الصيني كونفوشيوس انه يتعين على الانسان استخدام عقله كمرآة، فالمرآة يستفيد منها الإنسان ليرى نفسه أولا في كل مرة يرى فيها الآخر عدوا له تجب كراهيته، أتبحث عن القشة التي في عين جارك ولا ترى العارضة التي في عينيك؟
العمود الثامن: آخر نكتة.. المالكي يتفوق على مانديلا
نشر في: 9 يوليو, 2012: 09:27 م