القاهرة /حسين عيد "الوصول إلى العالمية"، هو حلم كل كاتب عربي ، ربما سعيا وراء تخطي حدود عالمنا المحدود، إلى الجوائز القيّمة والشهرة العالمية والمجد التليد ، وربما في نهاية المطاف حلم نوبل. والسبيل الوحيد إلى تحقيق ذلك، هو (الترجمة) إلى اللغات الأجنبية.
لكن هذا الحلم قد يثير عددا من الأسئلة: ما هي (دوافع) الترجمة أساسا ؟ وما هي (مخاطر) أن يسعى الكاتب إلى أن تترجم أعماله؟ وما هو (الحلّ) المتاح أمام الكاتب؟ لعل أول دافع إلى ترجمة عمل أدبي (أجنبي) إلى لغتنا العربية ، هو (نجاح) ذلك العمل في بلد المنشأ ، وما حققه هناك من (شهرة) نتيجة (إقبال) القراء عليه ، فيكون ذلك محفزا ليس لترجمته إلى لغتنا العربية فقط ، بل إلى مختلف اللغات العالمية أيضا. والأمثلة كثيرة ، منها للمثال رواية "مائة عام من العزلة" للكاتب الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز عند نشرها عام 1967 ، وما حققته من نجاح وشهرة شجّع على ترجمتها إلى العربية في أكثر من ترجمة ، فكان ذلك مؤشرا على نجاح الكاتب، حتى أن رواية "تاريخ موت معلن" عندما نشرت طبعتها الأولى في إبريل 1981 صدر منها مليونان ومائة ألف نسخة، ثم صدرت طبعتها الثانية بعد أسابيع ومع نهاية عام 1981 كانت قد ترجمت إلى اثنتين وثلاثين لغة عالمية ، وقد حدث ذلك قبل أن يحصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1982 ، فتوالى الإقبال على ترجمة كل أعماله ! مثال آخر هو ما حدث مع الكاتب البرازيلي باولو كويلهو ، حين نشر رواية "الخيميائي وحجر الفلاسفة" عام 1988 ، فنالت شهرة كبيرة وترجمت إلى العربية في أكثر من ترجمة. كما ترجمت في ذات الوقت إلى خمس وأربعين لغة عالمية، وتوالى الإقبال على بقية أعماله ليس في العالم العربي وحده ، بل في مختلف أرجاء العالم أيضا ! أما أحدث مثال ، فهو رواية "شيفرة دافنشي" للأمريكي دان براون ، التي صدرت عام 2003 فاكتسحت المبيعات ، حتى أن "الدار العربية للعلوم" ناشر ترجمتها إلى العربية، وضعت أعلى الغلاف الخارجي إشارة، أوضحت فيها أنها "ترجمت إلى أكثر من خمسين لغة، وطبع منها أكثر من 8 ملايين نسخة"! لعل العنصر الثاني الدافع للترجمة، هو حصول الكاتب على أحد الجوائز العالمية المرموقة بدءا من البوليتزر الأمريكية، أو الجونكور الفرنسية، أو البوكر الإنجليزية ،وصولا إلى جائزة نوبل ، وهو ما يكون محفزا على الإقبال على ترجمة العمل الفائز ، ومن ثم الاهتمام ببقية أعمال الكاتب الأخرى . وخير مثال على ذلك هو حصول الكاتب الجنوب إفريقي ج م كويتزي على جائزة نوبل في الآداب عام 2003 ، فكانت حافزا للإقبال على ترجمة أعماله الأدبية والنقدية إلى العربية وغيرها من اللغات العالمية! وبقدر ما كان عنصر النجاح أو الفوز بإحدى الجوائز العالمية الكبرى محفزا للمترجمين (كأفراد) ودور النشر (الخاصة) والعامة للإقبال على أعمالهم ، كان هناك عنصر آخر من (التاريخ) يكمن وراء تحرّك بعض مؤسسات النشر (العامة) من قديم، للحاق بالعصر من خلال الترجمة ، حين شكلت لجان تولت تحديد قوائم تتم ترجمتها تباعا. وهناك أمثلة كثيرة من جهود بذلت في عديد من البلدان العربية جرت فيها الترجمة من الخارج (اللغات الأجنبية) إلى الداخل (اللغة العربية) ، وقام بها أفراد أو هيئات من داخل العالم العربي . لكن هناك نوع آخر من الترجمات ، تسعى فيه بعض الدول الكبرى إلى دعم وتشجيع ترجمة أعمال كتابها ، دفعا إلى نشر ثقافتها بين أرجاء الوطن العربي ،وهو ما تقوم به كثير من المراكز الثقافية الفرنسية والأسبانية والألمانية وغيرها . في كل تلك الحالات المذكورة، كان عنصر (النجاح) والتميز هما المحفزان الرئيسيان للترجمة ، بمعنى آخر أن تلك الأعمال نجحت أولا في بلادها ،فكان ذلك محفزا لذيوع أمرها وانتشار أمرها وشهرتها !
هل يجوز أن يسعى الكاتب إلى ترجمة أعماله؟!
نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:08 م