حازم مبيضين عاد المصريون بالأمس ويواصلون اليوم الإدلاء بأصواتهم لواحد من اثنين يتنافسان على رئاسة مصر, وبديهي أن لكل منهما أنصارا ومؤيدين غير أن الملاحظ أن كليهما يحظى بكراهية منفرة عند الطرف الآخر تصل إلى حدود الاتهام بسرقة ثورة الشباب التي تمكنت من إطاحة مبارك, لكنها لم تجهز على رجاله, ولم تتمكن من هز أعمدة نظامه الذي مثل استمراراً وفياً لحكم العسكر المستمر منذ ستة عقود, كما لم تتمكن للاسف من وضع خطط قابلة للتنفيذ بعد النجاح الأولي ولم تقم حتى بالاتفاق على مرشح واحد للرئاسة كان ممكناً أن يشكل عهده بداية الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي المنشود.
فجأة وجد المصريون أنفسهم أمام خيارين كلاهما مر, الفريق أحمد شفيق, الذي شغل منصب آخر رئيس وزراء في العهد البائد, والمدعوم من العسكر وبقايا الحزب الوطني, وهو يلعب على التخويف من بعبع استفراد الإسلاميين بالسلطة, وقد كسب مبدئياً دعم الأقباط, ويستجمع قوى كل الجهات التي كانت تستفيد من نظام مبارك, ويعد المصريين بالاستقرار والأمن, بعد أن فلتت الأمور منذ أكثر من عام, ويتصرف منذ اليوم, باعتباره حامل رتبة فريق العسكرية, التي مل منها المواطنون ودفعوا دماء أبنائهم لاقصاء حامليها عن مواقع السلطة المدنية.في المقابل هناك محمد مرسي, مرشح الإخوان المسلمين, الذين ركبوا بانتهازية واضحة عربة الثورة, حينما تيقنوا من انتصارها,وهوكما ينبغي القول لم يكن خيارهم الأول, فقد اختاروا خيرت الشاطر ورسموا له صورة سيدنا يوسف, في محاولة لاستثارة مشاعر التعاطف بين فقراء مصر, وواحد من كبار أثريائها, غير أن ألاعيب السياسة أقصته عن المنافسة, فحل مرسي بديلاً, سيظل إن نجح يحمل صفة القادم إلى الموقع على وقع الضرورة, وليس بسبب ما يتمتع به شخصياً من صفات, تؤهله لشغل المنصب الرئاسي.قلنا أن لكل منهما مؤيديه, لكننا لن نغفل عن ملايين المصريين, الذين يرون في الرجلين خياراً بائساً, لم يكن في حساباتهم حينما احتلوا الساحات والميادين, لكن هؤلاء, وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في نجاح الثورة, لم يجدوا من ينظم صفوفهم,ويعطي لأصواتهم الانتخابية قيمة القدرة على الحسم, وفيما يناور بعض قادتهم مع أعداء الأمس, بحثاً عن موقع, ولوكان متدنياَ في المرحلة المقبلة, التي ينبغي القول إنها لن تكون جديدة, في حال نجاح شفيق, وستكون عودة بغيضة إلى الماضي البعيد لو نجح مرسي, فإن المنتظر عودة تلك الملايين إلى ساحات الفعل الثوري, لإنجاز ثورتهم والوصول بها إلى غاياتها.المصريون بين خيارين, كلاهما مر, لكن أحدهما أشد مرارةً من الآخر, رغم أن طعمه ذاك هو العلقم, والأمل ما زال قوياً بانتهاج الخيار الثالث, وهو إنجاز ما بدؤوه, حتى لو كان الثمن مزيداً من التضحيات.
في الحدث :شفيق ومرسي.. كلاهما مر
نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:17 م