TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > السطور الأخيرة :شكو ماكو؟؟!

السطور الأخيرة :شكو ماكو؟؟!

نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:18 م

 سلام خياط أثناء سنوات الحصار الآثم على العراق، يوم كان الإعدام واردا بسبب – سماع -  نكتة سياسية لاذعة، يوم كان  الراتب الشهري للطبيب  يعادل ثلاثة دولارات!على مرأى ومسمع من جمعيات حقوق الإنسان. يوم كان، يوم كانت.. حينذاك، شاعت طريفة بالغة الدلالة، تناقلها عراقيو الداخل بخشية وحذر، وغص بها عراقيو الخارج كلقمة الزقوم،
فحوى النادرة: ان جهابذة علماء التقنية، اخترعوا جهازا الكترونيا بالغ الذكاء. بإمكانه الإجابة على أصعب الأسئلة بدقة وعلى التو، وزعت تلك الأجهزة الذكية على دول العالم كافة، لإشاعة الثقافة العامة وصنوف المعرفة بين شعوب الأرض.الجهاز الذكي جاهز للإجابة عن كل سؤال، وعلى كل صعيد، بدءا من  التكهن بأحوال الطقس في راوندا – مثلا – او عن مواعيد القطارات في طوكيو..أو مواقيت الصلوات في لندن. عن أسعار العملات  مقارنة بالدولار والفرنك والإسترليني، وتذبذب أسعار البورصة في لوكسمبورج،عن حدود البلدان المتصارعة على متر من الأرض، عن عدد سكان العالم ونسبة الأغنياء قياسا لنسبة المعدمين،عن أسعار ملابس مادونا التي ظهرت بها في آخر ألبوم، عن أزياء القذافي ومحتويات خيمته، عن العبارات  النابية والشتائم القاذعة التي  أطلقتها هيلاري كلينتون بحق زوجها إثر الفضيحة مع لوينسكي، عن مقاس حذاء جورج بوش الأب، عن الهفوات والعثرات التي تخللت خطب بوش الابن... عن وعن.. وعن.يستمر سرد الأسئلة المتواترة، والأجوبة الدقيقة التي تنطق بها الآلة. وباللغة التي يفضلها السائل!!  قدرة لا يمكن أن يحيط بها  فرد، أو يحتويها قاموس!جازف عراقي ملتاع أن يستنطق الآلة، وقف حيالها مبهورا، تنحنح، وسأل بأدب جم: متى يفك الحصار وتنجلي الغمة عن العراقيين؟؟ جوبه بالصمت، لم يبدر من الآلة ايما صوت.عاود السؤال ثانية وثالثة فما حظي بجواب، ولما نفد صبره أطلق صرخة  مجلجلة: متى؟ متى تنجلي الغمة عن العراقيين،، متى؟ عندذاك، اختلجت جنبات الآلة، ترجرجت، أضيئت على جانبيها أضوية، انطفأت، أصابت الرجل هستيريا مباغتة وهو  يصيخ السمع لصوت خفي كالهمس: متى ما يشاء العم! يتحشرج صوت الرجل بسؤال خافت:  اللعنة، من يكون ذاك العم الذي  إن شاء أعطى، وإن شاء  استلب؟ عندئذ مادت الأرض كما لو هزة أرضية، وسمع جلجلة كالتي يسمعها المصروع، وتصاعدت من فوهات الجهاز أبخرة ونفثات دخان وتصاعد لهب. هلع الرجل، وولى الأدبار. فلاحقته ألسنة لهب  وتعقبه صوت جهوري: _ يا ابن (....) أما نصحوك أن تقرأ في العهد القديم: لا تسألوا عن أشياء  إن تتكشف لكم تصبكم بالصعقة،، وتترككم صرعى بين فخ الشك  ومصيدة اليقين.ماذا لو سأل سائل  الجهاز الالكتروني اليوم: العراق إلى أين؟ وماذا ستكون ردة فعل الآلة التي تتحكم بالبشر والبلدان   بـ (الريموت كونترول)؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram