اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حكاية الرجل الذي صار كلباً تجاوزت الخط الأحمر

حكاية الرجل الذي صار كلباً تجاوزت الخط الأحمر

نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:54 م

عمر فاروق محمد علي مسرحية : حكاية الرجل الذي صار كلباً تأليف الكاتب الجواتيمالي : اوزفالدو دراكون إخراج: خليل فاضل خليل تمثيل: إيمان ذياب، طه المشهداني، نظير جواد، فالح كريم قدمت في مهرجان قسم الفنون المسرحية للفترة من 20 – 24/5/2012
أول ما يثيرك فيها، عنوانها الذي يحمل تناقضا واضحا بين رجل، وكلب، بشر وحيوان . ولو كانت الحكاية ، حكاية الرجل الذي صار طبيبا أو أعمى أو ترابا ، لفقد العنوان هذه المفارقة وأصبح منطقيا وذلك لوجود علاقة بين الوصف والموصوف . إما رجل وكلب ، فانه يدعو إلى الترقب والانتظار لمعرفة المزيد . وهذه إشارة تحسب للمؤلف الذي استقى مفردته من الحياة .       المفردة بسيطة ، رجل عاطل عن العمل ، تتاح له فرصة واحدة وهي أن يعمل بديلا عن ( كلب الحراسة ) الذي مات . مستخدما اللامألوف وغير الخاضع للتفكير في الواقع أصلا . هو لم يقدم حالة إنشائية ، إنما قدم حكاية . النص ، نص لا معقول وليس عبثا . لأن الفلسفة التي قادت إلى العمل هي ( الفلسفة الوجودية ) وحسب ( سارتر ) الذي يقول : " إن الإنسان لا يكون إنسانا إذا أصبح عبدا "!. بمعنى أنه لن يكون كائنا بشريا ، إنما شيء آخر ، سواء رجلا كان ام امرأة . وعليه اذن فالكاتب ذهب إلى ابعد من ذلك في جعل الرجل – كلبا . وكذلك في الفلسفة الماركسية عندما يذهب ( ماركس ) إلى القول : " لا توجد مثل ، ولا عقائد ، ولا قيم ، انما ( الاقتصاد ) هو الذي يحكم البشر " . وقد ظهر هذا جليا في الحكاية ، وفي الظروف التي دفعت بالرجل كي يصبح كلبا ، فهو عاطل عن العمل . وهكذا نرى بأن الفلسفة والفكرة كلاهما قادا العمل ، إلى تجسيد هذه الحكاية . إذن فإعادة الوصف بطريقة جديدة ومغايرة هي التي قادت الحكاية من خلال ، سرد الراوي ، وحوار الممثلين اللذين عالجا مشكلة جديدة ، ومعاصرة . تصاعد معها الفعل الدرامي عند الراوي ليتنامى مع المتلقي . الراوي الذي أخذ دور المنبه ، المستفز لعقلانية الجمهور . وكذلك إرادات الصراع المتخفية وغير الظاهرة ، بسبب أن البطل في المسرحية هي ( الحكاية ) . فالنص لا يمتلك الجاهزية الجمالية ، انما يطرح الفكرة ويتركها للعقل .      في العرض : إن ما قدم ، إنما هو صورة حياتية بشكل مسرحي . حيث أن المخرج كان أمينا على إنسانية الفكرة التي طرحها المؤلف ، في تطبيق خطوات المسرحية الملحمية بكل تفاصيلها، لقد تتبع خطى ( برخت ) في العرض الملحمي ، بما تحتويه من : (الجوقة ، الراوي ، الحكاية ، الواقع اللامألوف ، الزي ، الديكور ، وخلق المسافة الجمالية) .      المخرج لم يكن ناقلا ، بقدر ما كان فنانا ، لأنه ابتكر الأشياء وأعاد تنظيمها وترتيبها ، وثم تقديمها بشكل جديد . عالج المجموعة ( الجوقة ) كأنها فرد واحد بسبب أن هذه المجموعة كانت تمثل فكرة واحدة . ظهور الممثلين الأربعة جالسين على ( مصطبة مستوية واحدة ) إنما يدلل على إنهما في مستوى واحد من الفكر ، والرؤى ، وحتى الذاكرة التي تم استرجاعها أو عرضها عن طريق شريط السينما كلها دلالات على ذلك التوافق بينهم . وبعد انتشار المجموعة ذاتها إلى يسار ويمين خشبة المسرح كان بقصدية نقل عمل الجوقة إلى صالة العرض ، حيث شارك الجمهور في أداء هذا الدور ، أي دور الجوقة وبنفس الفكرة ( فكرة الشخص الواحد ) . لقد هجر المخرج عمق المسرح وتركه للصمت المطبق يسيطر عليه ، معوضا إياه بمقدمة المسرح ومقدمة الصالة التي استثمرها للمصورين ووسائل الإعلام كي تكون شاهدا على الأحداث .       وبعد انتشار الممثلين على خشبة المسرح ، وتأكيدا على أنهم كانوا يمثلون حالة لمستوى واحد وبيئة واحدة ، والمتمثل بالثاني والثالث ( نظير جواد و فالح كريم ) وسؤالهما  عن الأول ( طه المشهداني ) وتقصي أخباره من زوجته ( ايمان ذياب ) . لكن بعد هذا السؤال ، يصبح وفي لمح البصر – وان كان مشهدا مسرحيا – ( طه المشهداني ) الممثل عاطلا عن العمل ، وليصبح الآخر ( نظير جواد ) مديرا للمصنع . وتستمر اللامعقولية في الحياة المتمثلة بعدم تفكير ( العاطل عن العمل ) ولو في الخيال أن يكون ( كلبا للحراسة ) ، لكنه يقبل مجبرا لا مخيرا . ومع ذلك يبقى متفائلا ، ممنيا النفس بحصول شاغر يحوله من عمل الكلب إلى عمل إنساني ، ولو بإحلاله في مكان أحد تاركي العمل بسبب التقاعد أو الموت وسواهما . ويستمر اللامألوف على الواقع الذي عاشه ( الرجل – الكلب ) وسط التيه وفقدان الهوية ، والبحث عن ماهيته ، وسط سوء تعامل أصحاب العمل معه فيما لو كان انسانا ! وهكذا في لحظة الضعف واليأس هذه كيف ستحل مشاكله التي دفعت به إلى ( مسخ الإنسان ) ملوثا كل قيم الإنسانية. حيث أخذت تطارده الأشرطة الصفر معلنة عدم الاقتراب لخطورة المكان وتلوثه . لتنتهي بسقوط ( الزوجة ) التي ترفض الإنجاب داخل إحدى المناطق الملوثة .      لم يكتف ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram